ج - الرضا والتسليم لله تعالى.
وهو: ترك الاعتراض والسخط باطنا وظاهرا، وقولا وفعلا، وهو: من ثمرات المحبة ولوازمها، إذ المحب يستحسن كلما يصدر عن محبوبه، وصاحب الرضا يستوي عنده الفقر والغنى، والراحة والعناء، والعز والذل، والصحة والمرض، والموت والحياة، ولا يرجح بعضها على بعض، ولا يثقل شئ منها على طبعه، إذ يرى صدور الكل من الله سبحانه، وقد رسخ حبه في قلبه، بحيث يحب أفعاله، ويرجح على مراده مراده تعالى، فيرضى لكل ما يكون ويرد.
وروي: أن واحدا من أرباب الرضا عمر سبعين سنة، ولم يقل في هذه المدة لشئ كان: ليته لم يكن، ولا لشئ لم يكن: ليته كان.
وقيل لبعضهم: ما وجدت من آثار الرضا في نفسك؟
فقال: ما في رائحة من الرضا! ومع ذلك لو جعلني الله جسرا على جهنم، وعبر عليه الأولون والآخرون من الخلائق ودخلوا الجنة، ثم يلقوني في النار، وملأ بي جهنم، لأحببت ذلك من حكمه، ورضيت به من قسمه، ولم يختلج ببالي أنه لم كان كذا، وليت لم يكن كذا، ولم هذا حظي وذاك حظهم.
وصاحب الرضا أبدا في روح وراحة، وسرور وبهجة، لأنه يشاهد كل شئ بعين الرضا، وينظر في كل شئ إلى نور الرحمة الإلهية، وسر الحكمة الأزلية، فكأن كل شئ حصل على وفق مراده وهواه.
وفائدة الرضا، عاجلا، فراغ القلب للعبادة والراحة من الهموم، وآجلا،