علم الله، ليس إلا كما قال الله تعالى: " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا "، 2 ولذا خاطب نبيه الذي علمه ما لم يكن يعلم، وقال: " وقل رب زدني علما ". 3 فالامام كالنبي في حركته الكمالية، وسيره إلى الله تعالى، لا يقف على حد، كما أن السير إلى الله تعالى في عين انه في كل مرحلة من مراحله مرتبة من الوصول، ونيل للمقصود، لا نهاية له ولا ينتهي إلى حد.
ففي هذا السير يسير الامام دائما إلى الامام، ولا يتساوى يوماه، بل كل يوم من أيامه أفضل من أمسه. وليس ابتداء هذا السير من حين الولادة الجسمانية، بل يبتدأ من حين وجوده النوري ويستمر في العوالم والنشات التي يسار به قبل هذا العالم، كما أن أمده لا ينتهي بارتحاله من هذه الدنيا، ولعل سائر الناس من الصلحاء في عالم البرزخ كان هذا حالهم، لا ينتهي سيرهم الكمالي بالموت العنصري، بل يمكن أن يكون الموت لهم بحسب صلاحياتهم وقابلياتهم مبدأ لمثل هذا السير، والله أعلم.
والحاصل ان مثل هذا السير لازم لكل سالك إلى الله، ولا نهاية له فهو لا يزال في حال الرجوع إلى الله تعالى، قال الله سبحانه: " إنا لله وإنا إليه راجعون ". 4 وقال: " ألا إلى الله تصير الأمور ". 5 ولو فرض لسلوكه وسيره ورجوعه انتهاء، فلا دخل لطول حياته العنصرية و