المسلمون، ولما أتوها من كل فج عميق.
يا أعضاء جمعية الرابطة، ووفدها!
هذه المصائب لم تصب إيران وحدها، بل تعاني منها جميع البلاد الاسلامية، وأنتم غافلون أو متغافلون عنها، وتصبون اهتمامكم في المآخذ التي تورث الشحناء والبغضاء والضعف والتفرقة، لماذا لا تحملون هذه الخلافات على المحامل الصحيحة وعلى اجتهاد من يقول به؟
ذروا المسلمين واجتهاداتهم في هذه الأمور، واتركوهم ومذاهبهم واجتهادهم في الكتاب والسنة، وكونوا على يقين أن أحدا من المسلمين الذين يتلون سورة التوحيد في صلاتهم ويتلون آية " إنما إلهكم إله واحد " ويتلون آية " ولا يشرك بعبادة ربه أحدا "، ولا يعبد القبور، ولا يشرك أولياء الله تعالى في شؤونه، فالامر كله لله، وبيده ناصية كل شئ، لا يملكون لنفسهم نفعا ولا ضرا. ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، نعبده ونستعين به وندعوه ونبتهل إليه، وأنكروا عليهم ما اتفق الكل على خطره وتحريمه، وكونوا أشداء على الكفار رحماء بينكم.
فكروا فيما يهم المسلمين، وفي الأمور التي تورث التودد وتوحيد الكلمة، وتوثق عرى الاخوة الاسلامية، ولا تشغلوا أنفسكم وأوقاتكم بمباحث أكل عليها الدهر وشرب، وأدى التعصب فيها إلى فتن كبيرة وإلى إتلاف النفوس. فقد جرب المسلمون أضرار أمثال هذا الجدل والنقاش وأخطارها، وعرفوها، فاعرفوها أنتم واعتبروا بها، ولنذكر نموذجا منها، تلك الفتنة التي وقعت بين الحنابلة والشافعية، وكان السبب في إثارتها، أسلافكم الحنابلة وأصحاب أبي محمد البربهاري، كما يحدثنا ابن الأثير بما نصه: