السيوطي في الخصائص الكبرى عدة أحاديث في هذا المعنى، منها ما أخرجه مسلم واحمد عن المطلب ان ربيعة ين رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ان هذه الصدقات انما هي أوساخ الناس، وانها لا تحل لمحمد ولا آل محمد)، واخرج ابن سعد عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: (ان الله حرم علي الصدقة وعلى أهل بيتي)، واخرج الطبراني عن ابن عباس قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم الأرقم الزهري على السعاية (جمع الصدقات) فاستتبع أبا رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: (يا أبا رافع ان الصدقة حرام على محمد وعلى آل محمد) (أخرجه احمد وأبو داود من حديث أبي رافع، وفيه قال: ان الصدقة لا تحل لنا، وان مولى القوم من أنفسهم)، واخرج ابن سعد عن عبد الملك بن المغيرة قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا بني عبد المطلب: ان الصدقة أوساخ الناس فلا تأكلوها ولا تعملوا عليها)، وأخرج مسلم وابن سعد عن المطلب بن ربيعة بن الحارث قال: (جئت انا والفضل بن العباس، فقلنا يا رسول الله: جئنا لتؤمرنا على هذه الصدقات، فسكت ورفع رأسه إلى سقف البيت حتى أردنا ان نكلمه، فأشارت إلينا زينب من وراء حجابها كأنها تنهانا عن كلامه واقبل فقال: ان الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد، انما هي أوساخ الناس)، وروى احمد في مسنده عن الحسن بن علي قال:
اخذت تمرة من تمر الصدقة فتركتها في فمي، فنزعها صلى الله عليه وسلم بلعابها، وقال: (انا آل محمد لا تحل لنا الصدقة)، وفي رواية أخرى عن أبي هريرة انه صلى الله عليه وسلم قال: كخ كخ.. ارم بها، (اما شعرت انا لا نأكل الصدقة).
وهكذا يحرص النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذين الحديثين الأخيرين على توجيه الحسن إلى التسامي بنفسه، كما حرص في الأحاديث السابقة على توجيه آل بيته، إلى المكانة اللائقة باهل البيت الذين يذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فتكون أيديهم هي العليا، يعطون ولا يأخذون، ويتصدقون ولا يتصدق عليهم، لان مقام أهل البيت بالنسبة إلى غيرهم، مقام النجوم في السماء من أهل الأرض، ولا يليق باهل البيت ان يأكلوا من الصدقات لأنها ملوثة بذنوب الناس. بها يتطهرون من هذه الذنوب، قال تعالى في الآية (103) من التوبة (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها).