مزرعة أموية، فيأخذ البيعة ليزيد بالذهب والسيف، قال بعض من ندبه معاوية لهذا الامر: أيها الناس، أمير المؤمنين هذا (مشيرا إلى معاوية) فإن مات فهذا (مشيرا إلى يزيد) فمن أبى فهذا (مشيرا إلى السيف)، وهكذا يتربع يزيد على عرش أبيه بعد وفاته، فيهمل أمر المسلمين ويعكف على اللهو بفهوده وقرود حتى يقلب " يزيد القرود " ثم يسلط من قواده ورجاله من ينزلون بالعباد والبلاد، من الهول ما يخجل الشيطان نفسه من اقترافه، فابن زياد في الكوفة والبصرة يحز رأس كل من تسول له نفسه أن يقول " لم " ثم يقتل أبناء الرسول وأحفاده وآل بيته في كربلا قتلا تناهى في البشاعة والرجس، فضلا عن الخسة والدناءة، ومسلم بن عقبة مبعوث يزيد إلى المدينة المنورة، دار الهجرة، ووطن الأنصار، وعاصمة الاسلام يصنع بها وبأهلها من الوحشية والجريمة ما يتعاظم كل وصف، فقتل من الصحابة ومن غيرهم خلق كثير، ونهبت المدينة واستبيحت ثلاثة أيام، وافتضت فيها ألف عذراء فيما يقولون، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أخاف أهل المدينة أخافه الله، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " (رواه مسلم)، وحتى مكة بمسجدها الحرام يرسل إليها " يزيد القرود " من يستبيحها، ويستبيح البيت الحرام، ثم حين يختفي بيت أبي سفيان بموت يزيد، ويسطو على الخلافة بين مروان، وهو شعبة أخرى، وامتداد آخر للأمويين، يظهر الحجاج لبشر الخراب والدمار والقتل في كل مكان باسم الأمويين، وفي سبيل دعم ملكهم.
وهكذا قتل الحجاج على حب أهل البيت ألوف الرجال، وفيهم الصحابي والتابعي والفقيه والزاهد والمحدث، منهم على سبيل المثال الفقهية الزاهد سعيد بن جبير، فلقد قال له الحجاج يوما: أعلي في الجنة أم في النار؟ فلم يجب سعيد بغير البكاء، فأمر الحجاج بإحضار الذهب والفضة وقال لسعيد: أتحب أن لك شيئا منه، قال سعيد: لا أحب ما لا يحبه الله، ولما يئس الحجاج من أن يستميله بالمال أمر بقتله، فقال سعيد: أشهدك يا حجاج أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، قال الحجاج اقتلوه، فضحك سعيد، فقال الحجاج ما يضحكك، قال: جرأتك على الله وحلمه عليك، ولما قتل سعيد، قال الحسن البصري: والله لو اشترك أهل