الله عنه، فحمد الله اثنى عليه، وصلى على رسوله، ثم قال (يا خيرة النساء، وابنة خير الاباء، والله ما عدوت رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما عملت الا بأمره، وان الرائد لا يكذب أهله، وقد قلت فأبلغت، وأغلظت فأهجرت، فغفر الله لنا ولك، اما بعد، فقد دفعت آلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودابته وحذاءه إلى علي، رضي الله عنه، واما ما سوى ذلك فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (انا معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة ولا أرضا ولا عقارا ولا دارا، ولكنا نورث الايمان والحكمة والعلم والسنة)، فقد عملت بما امرني، ونصحت له، وما توفيقي الا بالله عليه وتوكلت واليه أنيب).
ولم تأت المناقشات بين الصديق والزهراء بنتيجة، وكفت السيدة فاطمة عن طلبها عزوفة، ولم تشتد السيدة الزهراء في طلبها الا لاعتقادها بأنها على حق، وما كانت لتضر للصديق الا الخير، وان اختلفت معه في وجهة نظرها، وقد هدأت ثائرتها، وقد ثبت في نفس ذريتها الا يكون في نفس واحد منهم بالنسبة لأبي بكر شئ، واخذت الزهراء على نفسها الا تكلم الصديق في ذلك المال أو تطلب ما طلبة وتركت لقاءه في مدتها القصيرة التي اشتغلت فيها بحزنها بمرضها، والحق ان كلا من الزهراء والصديق انما كان مجتهدا فيما يراه صوابا، وما أصدق الأستاذ العقاد حيث يقول (ان الزهراء اجل من أن تطلب ما ليس لها بحق، وان الصديق اجل من أن يسلبها حقها الذي تقوم البينة عليه)، بل إن الشيخ أبو زهرة انما يرى أن الخلاف على تركة النبي في فدك كان على إدارتها، ولم يكن صوره بعض المؤرخين على ملكيتها، ثم صرفها في مصارفها، فكانت الزهراء ترى إدارتها بيت علي، ورفض الصديق ذلك ثم وافق عمر في خلافته على أن تكون الإدارة بين علي والعباس، واما ميراث النبي الحقيقي فهو شريعته، وان كانت النصوص لا تعضد وجهة الشيخ الفاضل.
ويروى الحافظ ابن كثير ان أبا بكر ترضي فاطمة في مرضها فرضيت، وإذا لم يكن مثل أبي بكر يتودد آل البيت الطاهر وبالأخص فاطمة، فلا يرجى من غيره ذلك، فان فضل الزهراء لا ينكر واخرج ابن سعد في الطبقات عن عمر قال جاء أبو بكر إلى فاطمة حين مرضت فاستأذن فقال علي: هذا أبو بكر الباب