سعد وابن ماجة وابن راهويه) واخذت الزهراء تهدئ من روعها، وتسمح دموعها، حتى لا يراها والدها النبي صلى الله عليه وسلم فيحزنه جزعها، ولكن انى لها ذلك، وهي امام هول عظيم، فهذا أبوها وحبيبها رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ثقل عليه مرضه، وفتحت له أبواب السماء، وأقبلت عليه ملائكة الله عز وجل بروح من الله ورضوانه، تبشره بلقاء ربه عز وجل، وما أعد له من الوسيلة والدرجة العظيمة والمقام المحمود، وما يلقاه في الخلد من نعيم مقيم، فلم يلبث ان صعدت روحه الكريمة الطاهرة المطهرة الراضية المرضية إلى ملئها الاعلى، والى جوار رب العالمين، فبكت الزهراء، عليها السلام، وتغشاها الأسى والاكتئاب، ولذعها الجوى، وتولتها غصة وفجيعة اخرج البخاري عن انس قال: لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه، فقالت فاطمة، عليها السلام، واكرب أباه فقال لها: ليس على أبيك كرب بعد اليوم فلما مات قالت: يا أبتاه، أجاب ربه دعاه، يا أبتاه، من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه فلما دفن، قالت فاطمة، عليها السلام، يا انس: أطابت أنفسكم ان تحثو على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب، والخرج الإمام أحمد عن انس قال: لما قالت فاطمة ذلك، يعني، لما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في كرب الموت ما وجد، قالت فاطمة: وا كرباه، قال رسول الله (يا بنيه انه قد حضر بأبيك ما ليس الله بتارك منه أحد الموافاة يوم القيامة)، وروي ان الزهراء اخذت قبضة من تراب القير الشريف فجعلتها على عينها ووجهها ثم نشأت تقول:
ماذا على من شم تربة احمد * الا يشم مدى الزمان غواليا صبت على مصائب لو أنها * صبت على الأيام عدن لياليا وقالت على قبره الشريف:
انا فقدناك فقد الأرض وابلها * وغاب مذ غب عنا الوحي والكتب فليت قبلك كان الموت صادفنا * لما نعيت وحالت دونك الكتب وروى ابن حجر في فتح الباري عن الطبراني انه روى عن عائشة ان رسول