في شرح صحيح مسلم قال العلماء: في هذا الحديث تحريم ايذاء النبي صلى الله عليه وسلم بكل حال، وعلى كل وجه، وان تولد الايذاء مما كان أصله مباحا، وهو حي، وهذا بخلاف غيره، قالوا: وقد اعلم صلى الله عليه وسلم بإباحة نكاح بنت أبي جهل لعلي، بقوله صلى الله عليه وسلم:
لست أحرم حلالا، ولكن نهى عن الجمع بينهما لعلتين منصوصتين إحداهما ان ذلك يودي إلى اذى فاطمة، فيتأذى حينئذ النبي صلى الله عليه وسلم فيهلك من آذاه، فنهى عن ذلك لكمال شفقته على علي، وعلى فاطمة، والثانية خوف الفتنة عليها بسبب الغيرة، وقيل ليس المراد به النهي عن جمعهما بل معناه اعلم من فضل الله انهما لا تجتمعان كما قال انس: والله لا تكسر ثنية الربيع ويحتمل ان المراد تحريم جمعهما، ويكون معنى: لا أحرم حلالا، اي لا أقول شيئا يخالف حكم الله فإذا أحل شيئا لم أحرمه وإذا حرمه لم أحلله ولم اسكت عن تحريمه، لان سكوتي تحليل له ويكون من جملة محرمات النكاح، الجمع بين بنت نبي الله وبنت عدو الله.
على أن هناك وجها آخر للنظر، ينكر قصة الخطبة من أساس، ويروى انها رواية لم يعرفها المؤرخون، وان الإمام علي بالذات لا يمكن ان يقف من النبي صلى الله عليه وسلم ومن بضعته الزهراء، هذا الموقف، ويروى الأستاذ أبو علم، نقلا عن الأستاذ محمد صادق الصدر، ان ما نقله المسور عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن ان يصدر منه، كما أن الاقدام على الخطبة من الامام، امر مستحيل لا يمكن تصوره، والزهراء على قيد الحياة، ثم إن سيرة المسور كما في الاستيعاب والإصابة، تشير إلى أنه لم يكن من أصحاب الإمام، وان الخوارج كانت تغشاه وانه كان من أنصار الزبير.
غيران قصة الخطبة انما جاءت في أكثر من كتاب كم كتب الحديث وأخرجها أكثر من واحد، كما انها رويت من غير المسور بن محرمة، كما في رواية للإمام أحمد عن عبد الله بن بن الزبير وعلى اية حال فلقد حدثت في أغلب الظن في مستهل حياة الامام والزهراء الزوجية، حيث لم تكن الزهراء قد ألفت بعد شدة الامام وصرامته، ولم يروض وهو نفسه باحتمال ما كانت تجد من حزن لفقد أمها وشجو لفراق بيتها الأول، ومن ثم فربما كانت الحادثة في العام الثاني من الهجرة، وقبل ان يأتيهما العام الثالث بأولى الثمرات المباركة للزوج، وأعنى