كهذه يعلم أنها لا قبل لها باحتمالها ثم إن عليا أراد ان يتزوج بنت أبي جهل، فهل يرضي الله ان يجمع بيت الإمام علي بين بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين بنت عدو الله ورسوله، وكتب السيرة مليئة بمواقفه المخزية ضد الاسلام ورسول الاسلام، ولعل هذا هو السبب الذي من اجله ثار رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه من غير المعقول ان تكون ابنة هذا الرجل بالذات، ضرة للزهراء بنت نبي الله ورسوله، ولم يكن من المعقول، بل من المستحيل على وجه اليقين، ان يستبدل برسول الله صلى الله عليه وسلم أبا جهل بن هشام صهرا، وليس علي بالذات هو الذي يؤذي نبيه وأباه وابن عمه في أحب بناته إليه.
هذا ويروى عن يحيى بن سعيد القطان قال: ذاكرت عبد الله بن داود الحريثي قول النبي صلى الله عليه وسلم (ولا آذن الا ان يحب علي بن أبي طالب ان يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، قال ابن داود: حرم الله على علي ان ينكح على فاطمة في حياتها لقوله تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا)، فلما قال النبي: لا آذن، لم يكن يحل لعلي ان ينكح على فاطمة، الا ان يأذن رسول الله، قال وسمعت عمر بن داود يقول: لما قال الرسول فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها، حرم الله على علي ان ينكح على فاطمة، إذ انه بنكاحه عليها يؤذي الرسول، والله تعالى يقول: (وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله)، وأضاف الشيخ دحلان في السيرة والحق بعضهم أخواتها بها، وان رأى احتمال اختصاص الزهراء بذلك، وهذا ما نرجحه ونميل إلى الاخذ به، والله أعلم.
واما قصة تلك الخطبة، فقد روى ابن إسحاق في السيرة، ان علي بن أبي طالب خطب ابنة أبي جهل من عمها الحارث، واستأمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: (عن اي شانها تسألني، عن حسبها، قال: لا، ولكن تأمرني بها، فقال صلى الله عليه وسلم فاطمة بضعة مني، ولا أحب ان تجزع، فقال علي: لا آتي شيئا تكرهه)، واخرج الإمام أحمد عن الشعبي قال: (خطب علي، عليه السلام، بنت أبي جهل إلى عمها الحارث بن هشام، فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم فيها، فقال: اعن حسبها تسألني، قال علي: قد اعلم ما حسبها، ولكن أتأمرني بها، فقال: لا، فاطمة بضعة مني، ولا