في حجرته، ومن ثم فلم يحضر هو وبنو هاشم هذا الاجتماع، ولو شهد الإمام علي اجتماع السقيفة هذا، لكان له فيه مقال، ولربما اخذت الأمور في هذا اليوم اتجاها آخر، غير اتجاهها الذي سارت فيه، وعندما علمت الزهراء، عليها السلام، بما حدث في اجتماع سقيفة بني ساعدة، وأبوها سيد المرسلين لم يدفن بعد، بكت بكاء جارا، حتى أنه لما جاءها بعض الصحابة، وفيهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة، معزين، قالت (تركتم رسول الله طي الله وسلم جنازة بين أيدينا وقطعتم امركم بينكم ولم تستأمرونا) فبكى أبو بكر حتى علا نشيجه وبكى من كان في الدار من المهاجرين الذين كانوا يساعدون عليا في تجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم سلمان وأبو ذر والمقداد والزبير وعمار، ومن ثم فقد خاصمت أبا بكر وعمر لأنهما اخذا البيعة لأبي بكر في وقت انشغال زوجها بتجهيز أباها المتوفي صلى الله عليه وسلم، ومن ثم فقد استأخرت يمين الإمام علي عن البيعة للصديق، وتذهب الروايات في تفسير ذلك مذاهب شتى، لسنا الان بصدد مناقشتها، فمجال ذلك أن شاء الله، كتابا عن (الإمام علي بن أبي طالب)، وان كان هذا لا يمنعنا من الإشارة إلى أن الإمام علي انما كان يعتقد انه ما دام الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعهد بالخلافة إلى أحد بذاته، فان البيت الذي اختارته السماء ليكون منه النبي المصطفى، هو البيت الذي يختار المسلمون منه خليفتهم، ما دام في هذا البيت من يتمتع بالكفاية الكاملة لشغل منصف الخلافة أو كما قال الامام في حواره مع الصحابة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر، (انكم تدفعون آل محمد عن مقامه ومقامهم في الناس، اما والله لنحن أحق منكم بالامر، ما دام فينا القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، العالم بسنن رسول الله المضطلع بأمر الرعية، القاسم بينهم بالسوية) هذا وقد كانت الزهراء عليها السلام، ترى ان زوجها الإمام علي، كرم الله وجهه في الجنة، أحق الناس بالخلافة، فهو ربيب النبي صلى الله عليه وسلم وابن عمه وزوج ابنته، وأبو سبطيه الحسن والحسين، وأول الناس اسلاما، وأطولهم في الجهاد باعا، وهو فتى قريش شجاعة وعلما وفضلا وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه أشد الحب، ويؤثره أعظم الايثار، استخلفه حين هاجر على ما كان عنده من الودائع حتى ردها
(١٣٦)