فامضى وقتا هناك، ثم خرج ووجهه الكريم يفيض بشرا، فقال قائل من الصحابة: يا رسول الله دخلت وأنت على حال، وخرجت ونحن نرى البشر في وجهك، فأجاب صلى الله عليه وسلم (ولم لا، وقد أصلحت بين أحب الناس إلي)، واخرج ابن سعد في الطبقات عن حبيب بن أبي ثابت قال: كان بين علي وفاطمة كلام، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالقى إليه مثالا فاضطجع عليه، فجاءت فاطمة فاضطجعت من جانب وجاء علي فاضطجع من جانب، فاخذ رسول الله بيد علي فوضعها على سرته، واخذ بيد فاطمة فوضعها على سرته، ولم يزل حتى أصلح بينهما، ثم خرج قال فقيل له: (دخلت وأنت على حال، وخرجت ونحن نري البشر في وجهك، فقال: وما يمنعني، وقد أصلحت بين أحب اثنين إلي)، واخرج ابن سعد في الطبقات عن عمرو ابن سعد قال: كان في علي شده على فاطمة فقالت: والله لأشكونك رسول الله فانطلقت وانطلق علي بأثرها فقام حيت يسمع كلامها فشكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم غلظ علي وشدته عليها، فقال: يا بنية اسمعي واستمعي واعقلي، انه لا امرأة بامرأة لا تأتي هوى زوجها، وهو ساكت، فقال علي: فكففت عما كنت اصنع وقلت والله لا آتي شيئا تكرهينه ابدا).
على أن هناك ساعات خلاف كانت جد شديدة، شكايات، لا شك انها انما كانت أكثر من شكاية بالنسبة للمرأة حتى وان كانت بنت المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، ومن ثم فقد بلغ العتاب بين الزوجين ما يبلغه من خصومة بين زوجين وذلك حين نما إلى الزهراء ان الامام يهم بخطبة (جويرية بنت عمر وبن هشام بن المغيرة، المعروف بابي جهل، وفي حسبان الإمام علي انه يجري على مألوف عادة قومه في الجمع بين زوجتين وأكثر، ويفعل ما اباحه له الاسلام من تعدد الزوجات، بدون ان يخطر بباله ان هذا ما تنكره بنت نبي الاسلام، وربما كانت هذه الخطبة غضبة من غضبات الامام، على أنفة من أنفات الزهراء، أو لعلها نازعة من نوازع النفس البشرية لم يكن في الدين ما يأباها وان أباها العرف في حالة المودة والصفاء، ومن ناحية أخرى، فان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم حق علي في الزواج، ولكن الرسول في أبوته الرحيمة يؤذيه ان تروع أحب بناته بضرة، ويشفق عليها من تجربة قاسية