يتعاون عليها رب البيت وربته فقد كان رزق الامام من وظيفة الجندي وعطائه من فئ الجهاد، لكنه، رغم ذلك، لم يكن بقادر على أن يستأجر للزهراء خادما تعينها أو تقوم عنها بالعمل الشاق، فكان الامام هو الذي يعينها، روي أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها البيت كعادته فوجد عليا وفاطمة يطحنان، فقال أيكما أعيا (تعب) فقال علي: فاطمة يا رسول الله، فقال لها: قومي يا بنية، فقامت، وجلس يطحن مع علي، وهكذا كانا يعيشان عيشة الكفاف، وكثيرا ما كان يجن الليل فيرقدان على فراشهما الخشن، ويحاولان النوم فلا يجدان إليه سبيلا، لفرط ما يشعران به من البرد، ويقبل عليهما النبي صلى الله عليه وسلم وقد انكمشا في غطائهما مقرورين، إذا غطيا رأسيهما بدت أقدامهما، وإذا غطيا أقدامهما انكشفت رأساهما، روى المتقي الهندي في كنز العمال عن جابر، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى على فاطمة سلام الله عليها كساء من أوبار الإبل، وهي تطحن، فبكي وقال: يا فاطمة اصبري على مرارة الدنيا لنعيم الآخرة غدا، ونزلت (ولسوف يعطيك ربك فترضي. (قال: أخرجه ابن لآل وابن مردويه وابن النجار والديلمي، وذكره السيوطي في الدر المنثور، وقال: أخرجه العسكري في المواعظ) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصحهما بقوله (كلمات علمنيهن جبريل، تسبحان الله في دبر كل صلاة عشرا، وتحمدان عشرا وتكبران عشرا وإذا آويتما إلى فراشكما تسبحان ثلاثا وثلاثين وتحمدان ثلاثا وثلاثين وتكبران ثلاثا وثلاثين)، ويقول الإمام علي (والله ما تركتهن منذ علمنيهن).
وروي الامام البخاري في صحيحة بسنده عن الحكم، سمعت ابن أبي ليلى قال: حدثنا علي ان فاطمة عليها السلام شكت ما تلقى من اثر الرحا، فاني النبي صلى الله عليه وسلم سبى، فانطلقت فلم تجده، فوجدت عائشة فأخبرتها، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة بمجئ فاطمة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلينا، وقد أخذنا مضا جعنا، فذهب لاقوم، فقال، علي مكانكما، فقعد بيننا، حتى وجدت برد قدميه على صدري، وقال: الا أعلمكما خيرا مما سألتماني، إذا أخذتما مضاجعكما، تكبرا أربعا وثلاثين، وتسبحا ثلاثا وثلاثين، وتحمدا ثلاثا وثلاثين فهو خير لكما من خادم).
وروى أبو داود بسنده عن أبي الورد بن ثمامة، قال علي عليه السلام لابن