وإنفاق الخمس الذي يجبى للإمام.
وإذا أضفنا إلى ضخامة نسبة الخمس، تحصيله عن أكثر الكسب، وتيسير حسابه على العاملين على الصدقات، والدافعين للزكوات، والإنفاق الواجب والمندوب، وإلزام القادر العمل بنفسه وبما له، ومعونة المستحقين للعون بالمال دون ربا، من نظرة الميسرة، ومع التواصل حيثما قدر القادرون، واحتاج غير القادرين، يتجلى مبلغ ما تتفتح الميادين الواسعة أمام الجهد الإنساني في المجتمع الإسلامي لتثمير ثرائه وإغناء فقرائه، وإيلاف أنفس المسلمين فيه. ذلك قول الإمام جعفر (لو أدى الناس زكاة أموالهم ما بات مسلم فقيرا).
3 - التعاون:
العنصر الثالث في الاقتصاد - كما هو ظاهر من تعاليم الإمام في فصول هذا الباب - هو التعاون. وليس كمثله " منظم داخلي " أو " محرك ذاتي " للنشاط الفردي أو القومي.
ولقد مر بنا أنه واجب " قانوني " يخرج من الإيمان من بات شبعان وجاره جائع.
كما أسلفنا القواعد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي شرعها الإسلام وشرحها الإمام، ليخلف للأمة منهاجه الذي اعتزت به الأمة فبلغت شأوها العالي بالمنهج العلمي، العصري أبدا، والمنهج الاجتماعي الذي جعلها كالبنيان المرصوص، والمنهج الاقتصادي الذي يستعمل العلم والعمل والمال في تعاون مأمور به، أي في تكافل كامل. ولئن مرت بها فترات مظلمة، وإن مردها إلى الخروج على قواعد المنهج. وإنما عصمتها في الرجوع إلى الأمر الأول.