من جيران الضيعة فلكل منهم مد يرسل إليه، حتى إذا جاء أوان قطع الثمار أعطى الوكلاء العمال أجورهم عنه، وأمر الإمام بالباقي فحمل إلى المدينة ففرق في أهلها، كل حسب استحقاقه.
يقول ابن أبي طيفور: رأيت عند أبي عبد الله ضيفا فقام يوما في بعض حوائجه فنهاه وقام بنفسه إلى هذه الحاجة وقال (نهى رسول الله عن استخدام الضيف). أداء حقوق الآخرين في المال:
وإذا واسى الصادق أعطى فأغنى: سأله فقير فأعطاه ألف درهم فلما مضى الرجل أمر خادمه ليرجعه. قال الخادم: يا سيدي سئلت فأعطيت. فماذا بعد العطاء؟ قال (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير الصدقة ما أبقت غنى) وقال للرجل: (إنا لم نغنك. فخذ هذا الخاتم فقد أعطيت فيه عشرة آلاف درهم).
ولا مرية في أنه لم يغن الرجل ليأكل، وإنما أغناه بالمال ليعمل. فالعطاء ليس طعاما يعطى وإنما هو فرصة عمل بالتعبير الاقتصادي المعاصر. أي تمكين من أداة إنتاج تحفظ إنسانية الإنسان وتزيد ثراء الجماعة.
والعطاء وفاء بحقوق. وليس مجرد أريحية. فأمير المؤمنين على هو القائل (إن الله فرض على الأغنياء في أموالهم ما يكفي الفقراء فإن جاعوا أو عروا فيظلم الأغنياء) والقائل (الفقر هو الموت الأكبر) وسئل الباقر عن الزكاة تجب في مواضع لا يتمكن السائل من أدائها فيها فأجاب: (اعزلها فإن اتجرت بها وأنت لها ضامن ولها الربح). ويقول الصادق (إن الله عز وجل فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم - ولو علم أن ذلك لا يسعهم لزادهم. إنهم لم يؤتوا من قبل فريضة الله عز وجل.. ولكن أتوا من منعهم حقهم. ولو أن الناس أدوا حقوقهم كانوا عايشين بخير).
وبنص عنه (إن الله تبارك وتعالى شرك بين الفقراء والأغنياء في الأموال. فليس لهم أن يصرفوا إلى غير شركائهم).