مجالسهم وأمالي كبرائهم. ينبه الناس من قديم على خطر الفقر واقترانه بالكفر. وتعريضهما العقيدة والوطنية ووحدة الجماعة للدمار. فيقول.
(إذا ذهب الفقر إلى بلد. قال الكفر خذني معك).
ولقد حرم كنز المال بحبسه عن المسلمين في بيوت الأموال، أو حرمانهم منه وتعريضهم للافتقار، فأوجب على الدولة توزيع المال في أصحاب الحق فيه من الرعية. وحرم النعيم على من يعيش بين الجياع.
فإذا كان إخوة المسلم في عيشة راضية فالنعيم يباح.
ولما أرسل إليه عثمان مائتي دينار مع رسول يقول: هذه من مال عثمان. وهو يقول لك إنها من صلب ماله ما خالطها حرام. قال أبو ذر:
هل أعطى أحدا من المسلمين مثلما أعطاني؟ قال كلا. قال: اذهب أنت والدراهم. إنما أنا رجل من المسلمين يسعني ما يسعهم. ولست في حاجة إلى المال. قال رسول: أصلحك الله إني لا أرى في بيتك قليلا ولا كثيرا. فرفع أبو ذر الوسادة وأراه قرصين من خبز الشعير وقال:
بل عندي هذان وإني لغنى بهما وثقتي بالله.
ومر أبو ذر بمعاوية وهو يبني داره الخضراء فصاح به: " من أين لك هذا؟ إن كنت بنيتها من مال المسلمين فهي الخيانة. وإن كنت بنيتها من مالك فهي الإسراف ". فشكاه معاوية إلى عثمان.
وظاهر من هذا النهج، النحو الاقتصادي الذي ينحوه الشيعة من تداول المال، وعدم كنزه عن الأمة ولو كان في يده الدولة، ووجوب تقسيمه في المسلمين أو العمل به لهم. والاستكثار من طرحه في التداول (1)،