أما عمر فنما في أكناف بيت طالما حاول طمس فضائل على. فلما شب عن الطوق أصبح يعلن للناس إسرار أبيه له أن الناس لو عرفوا فضائل علي لانصرفوا إليه عن دولتهم، حتى إذا ولى إمرة المدينة أبطل سب على على المنابر. وكان عمر يرزح تحت الرقابة الشديدة من الخليفة الوليد، والسباق المجنون من الحجاج لظلم بنى على، مع استرضاء بنى مروان للحجاج، حتى ليعزل الوليد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، لإرضاء الحجاج ابن يوسف الثقفي!!
فلما ولى عمر الخلافة أقسم أن يتخذها طريقا إلى الجنة. فرد لأهل البيت مظالمهم وأعاد لهم " فدكا ". وبعث إليهم عشرة آلاف دينار ليعوضهم عما سلبهم سابقوه. وكانت الشهور الثلاثون - مدة خلافته - تلقى على كاهل رجل هزل الورع جسده، أعباء الدين والدنيا، يدرك أن أيامه معدودات، ويتهمه أهله بأنه يوشك أن يخرج الخلافة منهم إلى بنى على (1) بل أعلن عمر أنه لو استطاع لعهد بالخلافة لمن كان مثله، فقال:
" لو كان لي من الأمر شئ لاستخلفت أعيمش بنى تيم القاسم بن محمد بن أبي بكر ". وهو العليم أن محمدا ترعرع في حجر " على " قبل أن يستخلف. وأنه حارب معه معاوية. فلما ولاه مصر، باء بدمه قواد معاوية فهو عدو بنى أمية من كل وجه. وأن " القاسم " همزة الوصل بين الصديق وبين " أهل البيت " بنته أم فروة تحت جناح الباقر، وابنهما " جعفر الصادق " في عنفوان صباه، أمل تتجه الأبصار تلقاءه.
وأما " المأمون " فعبقري العلم، سواء العلم الديني من أصول وفقه ودين وحديث، أو العلم العام، وفيه التاريخ والفلسفة والعلوم التطبيقية والرياضية.