في علوم الإسلام. فالنحو العربي هو الذي حفظ العربية. لغة القرآن.
وهو امر أصولي للغة، كأصول الفقه. وسنرى موقفه المبدع فيها. وكذلك كانت مواقف علي بعد ظهور الإسلام، وفي خلافة سابقيه، تتصدى للأساسيات في الإسلام.
لقد كان أطول الراشدين حياة في الإسلام مما يظهر أثره عميقا، عمق الحوادث والعلوم وأثرها في الإسلام، وطويلا لطول المدة التي حييها في المراكز الأولى منذ ظهور الإسلام.
وربما أجمل القول في مكان علي بين المسلمين قول ابن عباس:
(لعلي أربع خصال ليست لأحد غيره: هو أول عربي أو أعجمي صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي كان لواؤه معه يوم الزحف.
وهو الذي صبر معه يوم فر غيره. وهو الذي غسله فأدخله قبره).
أما عن العلم فيقول ابن عباس (إذا ثبت لنا الشئ عن علي لم نعدل إلى غيره) واما عن العدل فيقول ابن مسعود معلم الكوفة وسادس المسلمين " كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي ".
من أجل هذا وكثير غيره، صح عند الشيعة أن النبي أفضى إليه بظاهر الشريعة وخافيها. وأنه أفضى بها إلى من خلفه.
* * * وليس يملك أحد أن يفاضل بين الخلفاء الراشدين الأربعة الا باجتهادات تحتمل الخطأ والصواب. لقد بايعهم المسلمون بيعة صحيحة. وبايع علي الثلاثة السابقين عليه. فكانت بيعته شهادة لهم وله. فلهم جميعا مكانة الراشدين التي بوأهم الله إياها في الزمن الذي أراده.
ومن الحكمة أن ندرأ أسباب المراء والشحناء، فننتهي عن المفاضلة بين السابقين الأولين إلا لحاجة. وأولى الناس بذلك الصحابة الذين أمرنا بالاستغفار لهم، وألا نجعل في قلوبنا غلا لهم.
ولئن فاضل " الأشعري والغزالي " وبعض المتكلمين، بين الخلفاء الراشدين، فرتبوهم على حسب ترتيب استخلافهم، فربما كان الأرجح أن مجئ علي في آخر الخلفاء الأربعة تنحصر دلالته في أن الله تعالى أجاءه إلى حيث كان دوره - لا مرتبته - هو الرابع. ولله الحكمة البالغة.