كان إذا قصد إفحام معارضيه لم يثبت أمامه رجل. سمعه الرشيد في بعض مجالس يحيى بن برمك وكان يحضرها من وراء ستر فقال:
" إن لسان هشام أوقع في نفوس الناس من ألف سيف ".
ولما فتك الرشيد بالبرامكة طلب هشاما فاختفى. فأخذ به خلقا كثيرا ثم أطلقهم بعد أن مات هشام مستترا.
ولم تكن مجالس المناظرات خالية من الخطر. يسأل هشاما سائل ذات يوم (أما عملت أن عليا نازع العباس (جد الرشيد) - إلى أبى بكر؟ فأيهما كان الظالم لصاحبه؟ - قال هشام فيما بعد " قلت في نفسي إن قلت العباس بلغ ذلك الرشيد، وإن قلت عليا ناقضت نفسي " - قال هشام: لم يكن فيهما ظالم. قال السائل أفيختصم اثنان.. وهما محقان!! قال هشام: نعم اختصم الملكان إلى داود، وليس فيهما ظالم. وإنما أرادا أن ينبهاه. كذلك اختصم هذان إلى أبى بكر ليعلماه ظلمه). فهو ينجو من المزالق، ويكرم الرجلين، ويفضل عليا على أبى بكر.
ومن وصية الإمام الصادق له قوله: (يا هشام من أراد الغنى بلا مال، وراحة القلب من الحسد، والسلامة في الدين، فليفزع إلى الله في مسألته إن كل له عقل. فمن عقل قنع بما يكفيه. ومن قنع استغنى.
ومن لم يقنع لم يدرك الغنى أبدا.. يا هشام كما تركوا لكم الحكمة اتركوا لهم الدنيا.. العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه. إن الزرع ينبت في السهل... من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه).
وكان يحذره من التشبيه والتجسيم، وقد كانت تبلغه عنه زلات في هذا الشأن. ومع ذلك لا يكف عن تشجيعه. فيستعيده رواية ما وقع منه مع عمرو بن عبيد زعيم المعتزلة. ويستحى هشام. فيقول له الإمام: " إذا أمرتكم بشئ فافعلوا ". فيقول هشام:
(بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة.
فعظم ذلك على. فخرجت إليه ودخلت البصرة يوم الجمعة وأتيت