المسجد، وإذا بحلقة عظيمة فيها عمرو.. والناس يسألونه.. فقعدت في آخر القوم على ركبتي. ثم قلت: أيها العالم. إني رجل غريب. تأذن لي في مسألة.. قلت: ألك عين؟ قال نعم. فقلت ألك أنف؟..
ألك لسان؟.. ألك أذن؟ قال نعم. قلت ألك قلب؟ قال نعم. قلت فما تصنع به؟ قال أميز به كل ما ورد على هذه الجوارح والحواس قلت:
أو ليس في هذه الجوارح غنى عن القلب. قال لا. قلت لابد من القلب وإلا لم تستيقن الجوارح؟ قال نعم. فقلت: يا أبا مروان. والله تعالى لم يزل جوارحك حتى جعل لها إماما يصحح لها الصحيح وتتيقن به مما شكت فيه. ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافهم لا يقيم لهم إماما يردون إليه شكهم وحيرتهم. ويقيم لك إماما لجوارحك ترد إليه شكك وحيرتك؟.. فسكت. ثم التفت إلى وقال: أنت هشام بن الحكم)..
فضحك الإمام وقال: من علمك هذا؟ قال: شئ أخذته منك..
قال: (هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى).
وظاهر أن طريقته كانت طريقة الإمام في استعمال المحسوسات والاعتبار بها في الإثبات واستعمال العقل بنزاهة في الاستدلال وسنعرض لها فيما بعد.
بلغت مؤلفات هشام سبعة عشر مؤلفا منها كتاب " الإمامة ". كتاب الوصية والرد على من يطلبها. وكتاب الحكمين.
" جابر بن حيان " - أول من استحق في التاريخ لقب كيميائي، كما تسميه أوربة المعاصرة. وهو الذي يشير إليه الرازي (240 - 320) - جالينوس العرب - فيقول (استأذنا أبو موسى جابر بن حيان). والمؤرخون - إلا بعضا من غير المسلمين - متفقون على تلمذته للإمام. وعلى صلته أو تأثره به في العلم والعقيدة. وأكثرهم على أنه صار بعد موت الإمام من الشيعة الإسماعيلية. يقول في كتابه الحاصل (ليس في العالم شئ إلا وفيه من جميع الأشياء. والله لقد وبخني سيدي (يقصد الإمام الصادق) على عملي