حيث أمرهم الله، ولا يدبر العبد لنفسه تدبيرا، وجملة اشتغاله فيما أمره الله به ونهاه عنه، فإذا لم ير العبد لنفسه تدبيرا، وجملة اشتغاله هي فيما أمره الله به ونهاه عنه، وإذا لم ير العبد فيما خوله الله ملكا هان عليه الإنفاق فيما أمره الله، وإذا فوض تدبير نفسه إلى مدبره هانت عليه مصائب الدنيا، وإذا اشتغل بما أمره الله به ونهاه عنه لا يتفرع إلى المراء والمباهاة مع الناس، فإذا أكرم الله العبد بهذه الثلاث هانت عليه الدنيا، لا يطلبها تفاخرا وتكاثرا، ولا يطلب عند الناس عزا وعلوا، ولا يدع أيامه باطلة، فهذا أول درجة المتقين، قال الله تعالى: " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين " قلت: يا أبا عبد الله أوصني! قال:
أوصيك بتسعة أشياء، فإنها وصيتي لمريد الطريق إلى الله تعالى، والله أسأل أن يوفقك لاستعمالها: ثلاثة منها في رياضة النفس، وثلاثة منها في الحلم، وثلاثة منها في العلم، فاحفظها وإياك والتهاون بها. قال عنوان: ففرغت قلبي، ثم قال الإمام: أما اللواتي في الرياضة فإياك أن تأكل ما لا تشتهيه فإنه يورث الحمق والبله، ولا تأكل إلا عند الجوع، فإذا أكلت فكل حلالا وسم الله تعالى، واذكر حديث النبي (ص): ما ملأ آدمي وعاء أشد شرا من بطنه، فإن كان ولا بد فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه. وأما اللواتي في الحلم فمن قال لك: إن قلت واحدة سمعت عشرا، فقلت: إن قلت عشرا لم تسمع واحدة، ومن شتمك فقل له إن كنت صادقا فيما تقوله فأسأل الله أن يغفر لي، وإن كنت كاذبا فأسأل الله أن يغفر لك، ومن وعدك بالخيانة فعده بالنصيحة والدعاء. وأما اللواتي في العلم فاسأل العلماء ما جهلت، وإياك أن تسألهم تعنتا وتجربة، وإياك أن تعدل بذلك شيئا، وخذ