(والخوف غير القنوط) (1).
وان الاشكال المتقدم انما هو على القنوط وليس على الخوف، لأن الخوف لم يترك الأمل وهو الرجاء، بل يقف إلى جانبه يوازنه، لأن الأمل - الرجاء - بلا خوف معناه الغرور والحماقة.
وعلى كل حال فالخوف أسلوب مطلوب لتأديب النفس ولكنه لابد وأن يلازمه الرجاء ليتوازن ميزان النفس فلا افراط ولا تفريط، فكلما ازداد الخوف ازداد الرجاء والأمل.
وعلى السالك أن ينتبه إلى حالة الخوف أن لا تكون ملكة نفسانية عنده، وكذلك الرجاء، بحيث يكونا الداعي إلى عبادته تعالى، كما يلزم المرشد أن ينتبه في وعظه وارشاده وهديه أن لا يكون تأكيده على الخوف والرجاء بحيث تكونا ملكة عند من يرشده ويعظه. فان حالة الخوف وحالة الرجاء مع أهميتهما لاستقامته ولكنهما ليستا غايتين تامتين، وانما الغاية التامة أن يكون السالك يعبد الحق لغاية أسمى وهي ارادته للحق عز وجل ومعرفة معنى العبودية والمعبود والعابد والعبادة ليتم معنى الشكر كما في كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام): " إلهي ما عبدتك خوفا من عقابك ولا طمعا في ثوابك، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك " (2).
وفي رواية أخرى عنه (عليه السلام): " ما عبدتك خوفا من نارك، ولا طمعا في جنتك، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك " (3).
وفي نهج البلاغة عنه (عليه السلام) قال: " ان قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وان قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وان قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار " (4).
z z z