فما بعدها، مما يولد عند الانسان السامع أو القارئ حالة من الرهبة والخوف فتعكس على شخصيته فتؤدي في أحيان كثيرة إلى حالة تشاؤمية وقد توقعه بالانعزال عن الحياة العامة وتعميق الشعور الفردي والإنزوائي واللاأبالية عنده فيخرج من قانون السلوك المتوازن إلى حالة التطرف الواحدي.
وبالتأكيد فان أي باحث موضوعي لا يمكنه أن يطرح الأحكام بشكل قطعي وعمومي في مثل هذه الحالات التي تتعرض لموضوع واسع وشائك، فإن الأسلوب الأخلاقي يختلف من شخص لآخر، وقد تكون الملاحظة المتقدمة ظاهرة عند أغلب الأخلاقيين ولكنها لا تصلح أن تبقى بلا استثناء، مع اني أظن أن الملاحظة لم تخلو من مبالغة وتضخيم وإن كانت بشكل عام لم تخلو من واقعية، بل إن الأسلوب التخويفي للانسان المكلف ضروري لتقويمه واعادته لجادة الصراط المستقيم، وقد رأينا الكتاب الكريم قد هدد العباد وحذرهم وأوعدهم بما يجري عليهم بعد هذه العوالم منها قوله تعالى: * (وإياي فارهبون) * (1).
وقال تعالى: * (ويحذركم الله نفسه والى الله المصير) * (2).
وقال تعالى: * (قل اني أخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم) * (3).
وكذلك كان موقف السنة المطهرة فقد روى الكليني (رحمه الله) في الكافي الشريف بإسناده عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: " من خاف الله أخاف الله منه كل شئ، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شئ " (4).
وروى أيضا بإسناده عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
" يا إسحاق خف الله كأنك تراه وان كنت لا تراه فإنه يراك، فان كنت ترى انه لا يراك فقد كفرت، وإن كنت تعلم أنه يراك ثم برزت له بالمعصية فقد جعلته من أهون الناظرين عليك " (5).