مالا تعلمون ولما تعملوا بما علمتم، فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إلا كفرا ولم يزدد من الله إلا بعدا " (1).
وأما طريقة الأخلاقيين فإنها تعتمد على الأساليب الوعظية والتنبيهية ويستفيدون من القصة كأسلوب خطابي يشد السامع أو القارئ إلى تذكر الله عز وجل، كما أنهم يستشهدون بالروايات والآثار والمنقولات والمسموعات لأجل تلك الغاية الكريمة.
وطريقة الأخلاقيين مفيدة جدا للعامة لتقويمهم وارجاعهم إلى الطريق المستقيم وتعريفهم بالصحيح والخطأ، ولكنها غالبا ما تكون مؤقتة بزمان الموعظة وما بعدها بفترات محدودة باختلاف حالات السامعين والقارئين، لأن طريقة الأخلاقيين لا تدخل إلى عمق الانسان وتعرف مقامه ثم ترقيه مرقاة فمرقاة وتزيل الملكات الظلمانية وتحييه بالملكات النورانية وترقيه في مدارج الكمال كما تفعله الطريقة العرفانية. أضف إلى ذلك أن الأخلاقيين غالبا ما يستخدمون أسلوبا واحدا في الوعظ لمجاميع مختلفين في الأحوال والملكات والمقامات بل غالبا ما يستخدمون أسلوبا واحدا مع الانسان في جميع أحواله وملكاته بينما أن لكل انسان واردات وأحوال ومقامات تختلف باختلاف مجاهداته.
وعلى كل حال فإننا لا نريد هنا أن نبين جميع خصوصيات الطريقة العرفانية وطريقة الأخلاقيين، وانما أردنا أن نوضح ان هناك فوارق عدة بين الطريقتين، وكليهما مفيدة بل أن العرفاء وأهل السير والسلوك لا يستغنون عن استخدام الأسلوب الأخلاقي في تكميل النفوس خصوصا في مخاطباتهم للعامة، فإنه أجدى لمثل ذلك المقام عند الخطاب لعامة الناس وأنفع.
ولكن هناك مؤاخذة أخرى على الأسلوب الأخلاقي لفهم قضايا الموت والعالم الآخر إضافة للملاحظة السابقة بأنه يهتم بالجانب التحذيري والتخويفي بذكر الأهوال، والمصاعب التي سوف يلاقيها الانسان ابتداءا من سكرات الموت