الغائي في العمران الدنيوي وهو الآخرة، قال تعالى: * (وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا) * (1).
وبما أن هدف الآخرة لا ينسجم مع الانسياب وراء الدنيا واغراءاتها فلذلك كان الموقف العقائدي والأخلاقي الاسلامي أن يحدد السعي الدنيوي، وليس هذا التحديد من حيث الكم، وانما هو من حيث النوع والنية والأهداف.
وهو المعبر عنه في كثير من النصوص الاسلامية بطول الأمل، وحب الدنيا.
وأهم الفوارق بين التحديد الكمي والتحديد النوعي هو أن الاسلام العظيم يشجع على العمران والبناء الحضاري بمختلف أوجه النشاط المتعلق به ضمن قانون (العمل الصالح).
ولكنه يشترط في ذلك العمل أن يكون لخدمة الأهداف الإلهية، ولأجل رقي الحضارة الانسانية وتقدمها واصلاح نقاط الخلل في البنى الاجتماعية الانسانية والحضارية.
وأما الأهداف الشخصية فإنها محددة بالكم، يعني أن لا يركض الانسان وراء هدف صغير بجمع المال لنفسه وأهله الخاصين به، بل لابد وأن تكون حركته في هذا المجال محدودة بمقدار الحاجة، وعليه ان يصب جل اهتماماته بالخدمة العامة.
ونكتفي بهذا المقدار من توضيح معالم الرؤية الاسلامية المقدسة لهذا الموضوع الفكري والحياتي المهم.
مع التأكيد على أن ما سجلته هنا بهذه الأوراق لا يعدو عن أكثر من طرح الخطوط العامة لهذا الموضوع الفكري والعقائدي المهم، وقد يرزقنا الله تعالى التوفيق لتفصيله بموضوع مستقل من جهة المفهوم الاسلامي للعالم.