السيد ابن طاووس رضوان الله عليه انه: (كان علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبدا له ولا أمة.
وكان إذا أذنب العبد والأمة يكتب عنده: (أذنب فلان. أذنبت فلانة يوم كذا وكذا) ولم يعاقبه. فيجتمع عليهم الأدب، حتى إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان دعاهم وجمعهم حوله، ثم أظهر الكتاب، ثم قال: يا فلان فعلت كذا وكذا، ولم أؤدبك أتذكر ذلك؟
فيقول: بلى يا بن رسول الله.
حتى يأتي على آخرهم، فيقررهم جميعا، ثم يقوم وسطهم، ويقول لهم: ارفعوا أصواتكم، وقولوا: يا علي بن الحسين ان ربك قد أحصى عليك كلما عملت، كما أحصيت علينا كلما عملنا، ولديه كتاب ينطق عليك بالحق لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما أتيت إلا أحصاها، وتجد كلما عملت لديه حاضرا كما وجدنا كلما عملنا لديك حاضرا، فاعف واصفح، كما ترجو من المليك العفو، وكما تحب أن يعفو المليك عنك فاعفو عنا تجده عفوا، ربك رحيما، ولك غفورا، ولا يظلم ربك أحدا، كما لديك كتاب ينطق علينا بالحق لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما أتيناها إلا أحصاها، فاذكر يا علي بن الحسين ذل مقامك بين يدي ربك الحكم العدل الذي لا يظلم مثقال حبة من خردل، ويأتي بها يوم القيامة، وكفى بالله حسيبا وشهيدا، فاعف واصفح يعفو عنك المليك ويصفح، فإنه يقول: * (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) * (1).
قال: وهو ينادي بذلك على نفسه، ويلقنهم، وهم ينادون معه، وهو واقف بينهم يبكي وينوح ويقول: رب انك أمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا فقد ظلمنا أنفسنا، فنحن قد عفونا عمن ظلمنا كما أمرت، فاعف عنا فإنك أولى بذلك منا ومن المأمورين، وأمرتنا أن لا نرد سائلا عن أبوابنا وقد أتيناك سؤالا ومساكين، وقد أنخنا بفنائك وببابك نطلب نائلك ومعروفك وعطاءك فامنن بذلك علينا ولا تخيبنا فإنك