ما نقل عن ابن سينا وأبي سعيد (ان الرجلين تلاقيا في موضع، فلما افترقا، سئل كل منهما عن صاحبه، فقال الشيخ أبو سعيد: ما أنا أراه هو يعلم. وقال الشيخ أبو علي:
ما أعلمه هو يراه..) (1). وأما اختلاف طريقة أهل المعرفة عن طريقة الأخلاقيين ان أولئك يشرحون أحوال الانسان وسلوكه وفق ما جاء به التنزيل وطبق قوانين السير والسلوك النظري والعملي بتكميل قلب الانسان ليصل بالأحوال والمقامات بحيث يكون قادرا على تلقي الفيوضات الإلهية والمعارف الكلية لتطهير روحه وقلبه وعقله من كل غريب ونجس واخلاص نفسه للتوحيد الصرف ولقاء الحق عز وجل، وعرفوا قوانين الوجود التكوينية ورأوا رأي العين وادركوا خفاياها وأسرارها، وكلها خفايا وأسرار. والعرفان فلسفة كاملة فيها جميع الأجوبة الثبوتية عن كل شئ ولا يوجد العرفان في ورق ولا في كتاب وانما هو في قلب العبد المؤمن كما ورد في النص الشريف في الحديث القدسي: " لم تسعني سمائي ولا أرضي، ووسعني قلب عبدي المؤمن " (2).
كما أن العرفان العملي هو المدرسة السلوكية للانسان الطالب أو السالك أو الواصل لإيصاله إلى غايته الأولى والقصوى، ولا يتم له ذلك بالنظري قطعا وانما لابد من العمل والكدح كما ورد في الروايات المستفيضة عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" العلم مقرون إلى العمل فمن علم عمل ومن عمل علم، والعلم يهتف بالعمل فان أجابه وإلا ارتحل عنه " (3).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: " ان العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل المطر عن الصفا " (4).
وعن الإمام السجاد (عليه السلام) انه قال: " مكتوب في الإنجيل لا تطلبوا علم