فإذا هو إلى وسطه ما عدا جانبي وركيه إلى طرفي ركبته محرق بالنار، وقد أصابه من ذلك ألم شديد لا يمكنه معه القرار، فقالوا له: متى حصل لك ذلك؟ قال: اعلموا اني رأيت في نومي كأن الساعة قد قامت والناس في حرج عظيم وأكثرهم يساق إلى النار والأقل إلى الجنة، فكنت مع من سيق إلى الجنة، فانتهى بنا المسير إلى قنطرة عظيمة في العرض والطول، فقيل: هذا الصراط، فسرنا عليها فإذا هي كلما سلكنا فيها قل عرضها وبعد طولها فلم نبرح كذلك ونحن نسير عليها حتى عادت كحد السيف، وإذا تحتها واد عظيم أوسع ما يكون من الأودية، تجري فيه نار سوداء يتقلقل فيها جمر كقلل الجبال والناس ما بين ناج وساقط، فلم أزل أميل من جهة إلى أخرى حتى انتهيت إلى قريب من آخر القنطرة فلم أتمالك حتى سقطت من عليها، فخضت في تلك النار حتى انتهيت إلى الجرف، فجعلت كلما اتشبث به لم يتماسك منه شئ في يدي، والنار تحدرني بقوة جريانها، وأنا أستغيث وقد انذهلت وطار عقلي وذهب لبي فألهمت فقلت يا علي بن أبي طالب، فنظرت فإذا رجل واقف على شفير الوادي، فوقع في روعي أنه الإمام علي (عليه السلام)، فقلت:
يا سيدي يا أمير المؤمنين:
فقال: هات يدك.
فمددت يدي، فقبض عليها، وجذبني، وألقاني على الجرف، ثم أماط النار عن وركي بيده الشريفة فانتبهت مرعوبا وأنا كما ترون فإذا هو لم يسلم من النار إلا ما مسه الإمام (عليه السلام)، ثم مكث في منزله ثلاثة أشهر يداوي ما أحرق منه بالمراهم حتى برئ، وكان بعد ذلك قل أن يذكر هذه الحكاية لأحد الا اصابته الحمى (1).
ذكر عدة أعمال لتسهيل المرور على هذه العقبة سوى صلة الرحم وأداء الأمانة التي مضت * الأول: روى السيد ابن طاووس في كتاب (الاقبال): " من صلى أول ليلة