فهربوا، ثم رجعوا، ثم رحلوا من ذلك المنزل، وإذا هاتف يقول:
ماذا تقولون إذ قال النبي لكم * ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم بعترتي وبأهلي عند مفتقدي * منهم أسارى ومنهم ضرجوا بدم ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم * أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي فلما وصلوا إلى بلد " تكريت " نشرت الاعلام وخرج الناس بالفرح والسرور، فقالت النصارى للجيش: " إنا براء مما تصنعون أيها الظالمون، فإنكم قتلتم ابن بنت نبيكم، وجعلتم أهل بيته أسارى ".
فلما رحلوا من " تكريت " واتوا على " وادي النحلة "، فسمعوا بكاء الجن وهن يلطمن خدودهن ويقلن شعرا:
مسح النبي جبينه * فله بريق في الخدود أبواه من عليا قريش * وجده خير الجدود وأخرى تقول:
ألا يا عين جودي فوق خدي * فمن يبكي على الشهداء بعدي على رهط تقودهم المنايا * متكبر في الملك وغدي فلما وصلوا بلدة " مرشاد " خرج الناس إليهم وهم يصلون على محمد وآل محمد (ص) ويلعنون أعداءهم.
ثم إنهم قبل أن جاءوا بلدة " بعلبك " كتبوا إلى واليها أن تتلقانا الناس، وخرجوا على نحو ستة أميال فرحا وسرورا، فدعت أم كلثوم عليهم وقالت:
" أباد الله كثرتكم وسلط عليكم من لا يرحمكم " فعند ذلك بكى علي بن الحسين وهو يقول:
هو الزمان فلا تقضى عجائبه * عن الكرام وما تهدى مصائبه