ثم ودعه وخرج في جوف الليل، وذلك لثلاث مضين من شعبان سنة ستين من الهجرة. فلزم الجادة ويسير ويتلو هذه الآية (فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين).
فقال له ابن عمه مسلم بن عقيل: يا ابن رسول الله لو سلكنا غير الجادة كان لنا خير كما فعل عبد الله بن الزبير، فانا نخاف أن يلحقنا رجال يزيد.
فقال: لا والله ما فارقنا هذا الطريق أبدا.
فسار الحسين (رضي الله عنه وأرضاه) وهو ينشد ويقول:
إذا المرء لم يحمي بنيه وعرضه * ونسوته كان اللئيم المسببا ثم دخل مكة وجعل الناس يجيئون إليه لا ينقطعون عنه.
(رسل الكوفيين) فلما بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية امتنعوا عن بيعة يزيد، فاجتمعوا وكتبوا إلى الحسين (ض) كتابا يقولون فيه: " لك مالنا وعليك ما علينا، فلعل الله أن يجمع بيننا وبينك على الهدى ودين الحق " ورغبوه في القدوم إليهم وقالوا: " فانفذ إلينا رجلا قبل وصولك يحكم فينا بحكم الله ورسوله ". وكتبوا بهذا المعنى كتبا كثيرة، فكتب إليهم: " إني أرسلت إليكم ابن عمي مسلم، فاسمعوا له وأطيعوه، وقد أمرته باللطف فيكم، وأن يرسل إلي بحسن رأيكم، وما أنتم عليه، وأنا أقدم عليكم إن شاء الله تعالى ".
(بعث مسلم (ع) إلى الكوفة) فأرسل مسلم (إلى الكوفة) مع الدليلين، وفي أثناء الطريق ضلاه ومات أحدهما عطشا، فتطير مسلم، فبعث إلى الحسين (ع) يخبره بذلك، ويستعفيه