ومن ذلك: ما رواه داود بن القاسم الجعفري: أن المعتمد بن المتوكل حبس أبا محمد الحسن العسكري فوقع في بغداد قحط فأمر المعتمد الناس بالاستسقاء، فخرجوا ثلاثة أيام فلم يسقوا، فخرج راهب من النصارى يقال له الجاثليق " في اليوم الرابع بالنصارى، ورفعوا أيديهم إلى السماء هطلت بالمطر، ثم خرجوا في اليوم الثاني وفعلوا مثل فعلهم الأول سقوا سقيا كافيا، فتعجب الناس ومال بعضهم للنصرانية، فشق ذلك على المعتمد، فأخرج أبا محمد الحسن العسكري من الحبس وقال له المعتمد: أدرك أمة جدك محمد (ص) فقال له أبو محمد:
دعهم يخرجون معي.
قيل له: إن المطر كثر فما فائدة خروجهم.
قال: لأزيل الشك عن الناس.
فأمرهم المعتمد بالخروج وأن يخرج المسلمون، فرفع الراهب يده ورفعت الرهبان معه أيديهم، غيمت السماء فأمطرت، فأمر أبو محمد رجلا بالقبض على يد الراهب وأخذ ما فيها، فإذا عظم آدمي بين أصابعه، فلفه أبو محمد في خرقة، وقال: استسق الآن، فاستسقى فانقشع الغيم وانكشف السحاب، وطلعت الشمس، وقال المعتمد: ما هذا يا أبا محمد؟
قال: هذا عظم نبي من أنبياء الله، ظفروا به، وما كشف عظم نبي تحت السماء إلا هطلت بالمطر، فامتحنوا ذلك فوجدوه كما قال، وزالت الشبهة عن الناس، وكلم أبو محمد الحسن العسكري المعتمد في إطلاق الذين كانوا معه في الحبس، وأقام أبو محمد بمنزله في سر من رأى معظما (1) (انتهى جواهر العقدين).