وقالوا: لم يدخر علي (ض) قط ما يقارب هذا المبلغ ولم يترك حين توفي إلا ستمائة درهم، وكان عليه إزار غليظ اشتراه بخمسة دراهم والأحاديث الواردة في الصحاح في فضله كثيرة.
ولما دخل الكوفة قال له بعض حكماء العرب: لقد زينت الخلافة وما زينتك، وهي أحوج إليك منك إليها.
وإنه علم السنة والشهر والليلة التي يقتل فيها. ولما خرج لصلاة الصبح صاح الإوز في وجهه فطردوهن فقال: دعوهن فإنهن نوايح.
فلما ضربه ابن ملجم - أشقى الخوارج - قال علي (ض): " فزت ورب الكعبة ".
وضربه بسيف مسموم في جبهته المباركة ليلة السابع عشر من شهر رمضان، وتوفي ليلة التاسع عشر منه، سنة أربعين، وغسله الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية، وعبد الله بن جعفر، وكفن في ثلاثة أثواب ليس له قميص ولا عمامة.
قالوا: ولما فرغ من وصيته قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ثم لم يتكلم إلا بلا إله إلا الله حتى توفي (ض). وكان عنده فضل من حنوط رسول الله (ص) وأوصى أن يحنط به، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة على الأصح وهو قول الأكثرين.
وروى الحاكم عن أبي عبد الله الحافظ: أنه بلغه قال علي للحسن والحسين (رضي الله عنهم): إذا مت أنا فاحملاني على سرير، ثم اتيا بي الغري - وهو نجف الكوفة - فإنكما تريان صخرة بيضاء تلمع نورا، فاحتفرا فإنكما تجدان فيها ساحة فادفناني فيها.
وروى ابن أبي الدنيا: انه خرج بعض من الصيادين زمن هارون الرشيد من الكوفة متصيدا بناحية الغري، فلجأت الظباء إلى ناحية من الغري فقال: