المنادى عن عند العرش (1): نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك على.
ألا وإني أبشرك يا علي انك تدعى إذا دعيت وتكسى (2) إذا كسيت، وتحيا إذا حييت.
[2] أخرج موفق بن أحمد الخوارزمي باسناده عن إبراهيم النخعي: عن علقمة.
(١) في المصدر: " ثم ينادى من تحت العرش ".
(٢) في المصدر: " أبشر يا علي انك تكسى إذا كسيت وتدعى.. ".
[٢] المناقبللخوارزمي: 299 حديث 296. ولفظه في المصدر وهكذا.
وبهذا الاسناد عن أبي سعد هذا، أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الحمدوني بقراءتي عليه - سنة ست وثمانين وثلاث مائة - حدثني أبو محمد عبد الرحمن بن حمدان بن عبد الرحمن بن المرزبان الجلاب، حدثني أبو بكر محمد بن إبراهيم السوسي البصري - نزيل حلب - حدثنا عثمان بن عبد الله القرشي الشامي بالبصرة قدم علينا، حدثنا يوسف بن أسباط، عن محل الضبي، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة عن أبي ذر رضي الله عنه قال: لما كان أول يوم من البيعة لعثمان (ليقضى الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة) فاجتمع المهاجرون والأنصار في المسجد ونظرت إلى أبى محمد عبد الرحمن ابن عوف وقد اعتجر بريطة وقد اختلفوا إذا جاء أبو الحسن بأبي هو أمي قال فلما بصروا بأبي الحسن علي بن أبي طالب عليه السلام، سر القوم طرا فأنشأ علي وهو يقول: أحسن ما ابتداء به المبتدئون ونطق به الناطقون، وتفوه به القائلون حمد الله والثناء عليه بما هو أهله والصلاة على النبي محمد وآله الحمد لله المتفرد بدوام البقاء، المتوجد بالملك الذي، له الفخر والمجد والثناء. خضعت له الالهة بجلاله ووجلت القلوب من مخافته فلا عدل له ولا ند، ولا يشبه أحد من خلقه، ونشهد له بما شهد به لنفسه أولو العلم من خلقه. ان لا إله الله ليس له صفة تنال، ولا حد تضرب له الأمثال، المدر صوب الغمام ببنات نطاف ومتهطل الرباب بوابل الطل، فرش الفيافي والآكام بشقيق الدمن وأنيق الزهر وأنواع النبات المبجس بثق العيون الغزار من صم الأطواد يبعث الزلال حياة للطير والهوام والوحش وسائر الانعام والأنام فسبحان من يدان لدينه ولا يدان لغيره دينه دين، وسبحان الذي ليس لصفته نعمت موجود ولا حد محدود ونشهد أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم عبده المرتضى ونبيه المصطفى ورسوله المجتبى أرسله الله إلينا كافة والناس أهل عبادة الأوثان وجموع الضلالة يسفكون دمائهم ويقتلون أولادهم ويخيفون سبلهم، عيشهم الظلم وأمنهم الخوف وعزهم الذل مع عنجهية عمياء وحمية حتى استنقذنا الله بمحمد صلى الله واله وسلم من الضلالة وهدانا بمحمد من الجهالة، وانتاشنا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم من الهلكة، ونحن معاشر العرب أضيق العرب معاشا، وأخشنهم رياشا، جل طعامنا الهبيد وجل لباسنا الوبر والجلود مع عبادة الأوثان والنيران، فهدانا الله بحمد الله إلى صالح الأديان وأنقذنا من عبادة الأوثان بعد أن مكنه الله من شعلة النور، فأضاء لحمد الله صلى الله عليه وآله وسلم مشارق الأرض ومغاربها، فقبضه الله إليه فإنا لله وإنا إليه راجعون، فما اجل رزيته وأعظم مصيبته، فالمؤمنون فيه طرا مصيبتهم واحدة.
ثم قال على: ناشدتكم الله تعالى هل تعلمون معاشر المهاجرين والأنصار ان جبرئيل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا محمد لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي؟ هل تعلمون كان هذا؟ قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم الله هل تعلمون أن جبرئيل نزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا محمد ان الله يأمرك أن تحب عليا وتحب من يحبه فان الله تعالى يحب عليا؟ قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم الله هل تعلمون ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لما أسرى بي إلى السماء السابعة رفعت إلى رفارف من نور ثم رفعت إلى حجب من نور، فوعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم: الجبار لا إله إلا الله أشياء فلما رجع من عنده نادى مناد من وراء الحجب، نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك على واستوص به، أتعلمون معاشر المهاجرين والأنصار كان هذا؟
فقال أبو محمد من بينهم يعنى عبد الرحمن بن عوف - سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإلا فصمتا ثم قال:
هل تعلمون ان أحدا كان يدخل المسجد غيري جنبا؟ قالوا: اللهم لا قال: فأنشدكم الله هل تعلمون أن أبواب المسجد سدها وترك بابي؟ قالوا: اللهم نعم، قال: هل تعلمون إني كنت إذا قاتلت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: أنت منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟ قالوا اللهم نعم قال: فأنشدكم الله هل تعلمون ان رسول الله أخذ الحسن والحسين فجعل رسول الله يقول: هي يا حسن فقالت فاطمة:
يا رسول الله ان الحسين أصغر وأضعف ركنا منه، فقال لها رسول الله، ألا ترضين أن أقول أنا هي يا حسن ويقول جبرئيل هي يا حسين، فهل لخلق منكم مثل هذه المنزلة؟ نحن صابرون ليقضى الله في هذه البيعة أمرا كان مفعولا.
قال رضي الله عنه: يقال اعرابي فيه عنجهية، أي جفا وكبر، والهبيد، حب الحنظل وقال أبو عبيد: النظل نفسه والسخينة: التي ارتفعت عن الحساء وثقلت أن تحصى وقال ابن دريد: مثل الحريرة دقيق يليك بشحم، المعدية تقرب من ذلك، ولعلها سميت بذلك لغلظتها وصلابتها من قولهم تمعددوا: تشبهوا بمعد في خشونة المطعم والملبس وتصلبوا ولذلك قيل: تمعدد الصبي أي: غلظ وذهبت عنه رطوبة الصبيان.