لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين). بلى والله لقد سمعوها ووعوها ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها (1).
أما والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء ألا يقاروا (2) على كظة (3) ظالم ولا سغب (4) مظلوم، لا لقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفيتم دنيا كم هذه أزهد عندي من عفطة (5) عنز.
[4] ومن خبر ضرار بن ضمرة الضبائي: فأشهد بالله (6) لقد رأيت عليا (7) في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله، وهو قائم في محرابه قابض على لحيته يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول:
يا دنيا يا دنيا، إليك عنى أبى تعرضت (8) أم إلى تشوقت؟ لا حان حينك، هيهات! غري غيري، لا حاجة لي فيك، قد طلقتك ثلاثا لا رجعة لي فيها، فعيشك قصير، وخطرك يسير، وأملك حقير. آه من قلة الزاد، وطول الطريق، وبعد السفر، وعظيم المورد، وخشونة المضجع (9).