وكان سرجه صلى الله عليه وسلم دفتين من ليف. قال: لم يكن شئ أحب إلى رسول الله بعد النساء من الخيل.
وجاء أنه صلى الله عليه وسلم مسح وجه فرسه ومنخريه وعينيه بكم قميصه فقيل له: يا رسول الله تمسح بكم قميصك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إن جبريل عليه السلام عاتبني في الخيل ". وفي رواية: " في الفرس " أي في امتهانها. وفي رواية: " في سياستها " وقال: " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وأهلها معانون عليها فخذوا بنواصيها، وادعوا بالبركة " ا ه.
أي وقد ذكر " أنه صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك قام إلى فرسه الطرف فعلق عليه شعيره، وجعل صلى الله عليه وسلم يمسح ظهره بردائه، فقيل له: يا رسول الله تمسح ظهره بردائك؟ فقال: " نعم، وما يدريك لعل جبريل عليه الصلاة والسلام أمرني بذلك "؟.
وعن بعضهم قال: دخلت على تميم الداري رضي الله تعالى عنه وهو أمير بيت المقدس، فوجدته ينقي لفرسه شعيرا، فقلت: أيها الأمير ما كان لهذا غيرك؟ فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من نقي لفرسه شعيرا ثم جاء به حتى يعلقه عليه كتب الله له بكل شعيرة حسنة " وكان صلى الله عليه وسلم يضمر الخيل للسباق، فيأمر بإضمارها بالحشيش اليابس شيئا بعد شئ، ويأمر بسقيها غدوة وعشيا، ويأمر أن يقودها كل يوم مرتين، ويؤخذ منها من الجري الشوط والشوطان.
وأما بغاله صلى الله عليه وسلم، فبغلة شهباء يقال لها دلدل، أهداها له المقوقس كما تقدم. والدلدل في الأصل: القنفذ، وقيل: ذكر القنافذ، وقيل: عظيمها، وهذه أول بغلة ركبت في الاسلام. وفي لفظ: رئيت في الاسلام، وكان صلى الله عليه وسلم يركبها في المدينة وفي الاسفار. وعاشت حتى ذهبت أسنانها، فكان يدق لها الشعير، وعميت. وقاتل عليها علي كرم الله وجهه الخوارج بعد أن ركبها عثمان رضي الله تعالى عنه، وركبها بعد علي ابنه الحسن ثم الحسين رضي الله تعالى عنهما، ثم محمد ابن الحنفية رحمه الله.
وسئل ابن الصلاح رحمه الله: هل كانت أنثى أو ذكرا والتاء للوحدة، فأجاب بالأول.
قال بعضهم: وإجماع أهل الحديث على أنها كانت ذكرا، ورماها رجل بسهم فقتلها. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم بعثني إلى زوجته أم سلمة، فأتيته بصوف وليف، ثم فتلت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم لدلدل رسنا وعذارا، ثم دخل البيت فأخرج عباءة فثناها ثم ربعها على ظهرها، ثم سمى وركب، ثم أردفني خلفه ". وبغلة يقال لها فضة، أهداها له عمرو بن عمرو الجذامي كما تقدم. ووهبها صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله تعالى عنه، أي وأوصلها بعضهم إلى سبعة.