الباب الرابع عشر في مثله ومثل ما بعثه الله تعالى به من الهدي قال أبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن مثلي ومثل ما بعثني الله تعالى به من الهدي والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا ورعوا - وفي لفظ وزرعوا - وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فلذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه الله بما بعثني به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به.
رواه الشيخان (1).
ورويا أيضا والبيهقي عنه والإمام أحمد والرامهرمزي (2) في الأمثال عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج ذات يوم فنادى ثلاث مرات: أيها الناس إن مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل قوم خافوا عدوا أن يأتيهم فبعثوا رجلا يتراءى لهم، فبينما هو كذلك إذ أبصر العدو فأقبل لينذر قومه فخشي أن يدركه العدو قبل أن ينذر قومه فأهوى بثوبه: أيها الناس أتيتم - ثلاث مرات - يا قوم إني رأيت الجيش بعيني وأنا النذير العريان فالنجاء النجاء، فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا فانطلقوا على مهلهم فنجوا وكذب طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني واتبع من جئت به من الحق، ومثل من عصاني وكذب به من الحق (3).
وروى الإمام أحمد والترمذي عن ابن مسعود والبخاري والترمذي عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال ابن مسعود: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وضع رأسه في حجري فنام وكان إذا رقد نفخ، فبينا أنا قاعد ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متوسد فخذي إذ أتى رجال - وفي لفظ إن هنينا - أتوا عليهم ثياب بيض الله أعلم بما بهم من الجمال، فانتهوا إليه فجلس بعض منهم عند رأس النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وطائفة منهم عند رجليه.
وفي رواية أخرى عن جابر: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي يقول أحدهما لصاحبه: اضرب له مثلا.