الباب الحادي والعشرون في نقض الصحيفة الظالمة قال ابن إسحاق: ثم إنه قام في نقض الصحيفة التي تكاتبت فيها قريش على بني هاشم وبني المطلب جماعة من قريش، ولم يبل فيها بلاء أحسن من بلاء هشام بن عمرو بن الحارث رضي الله عنه. وذلك أنه كان ابن أخي نضلة بن هاشم بن عبد مناف لأمه، فكان هشام لبني هاشم واصلا، وكان ذا شرف في قومه فكان يأتي ليلا بالبعير قد أوقره طعاما بالليل وبنو هاشم وبنو المطلب بالشعب حتى إذا أقبله فم الشعب قلع خطامه من رأسه ثم ضرب على جنبه فيدخل عليهم الشعب، ويأتي بالبعير وقد أوقره برا فيفعل مثل ذلك.
قال ابن سعد: وكان أوصل قريش لبني هاشم حين حصروا في الشعب، أدخل عليهم في ليلة ثلاثة أحمال طعاما، فعلمت بذلك قريش فمشوا إليه حين أصبح فكلموه في ذلك فقال: إني غير عائد لشئ خالفكم. فانصرفوا عنه. ثم عاد الثانية فأدخل عليهم ليلا حملا أو حملين فغالظته قريش وهمت به. فقال أبو سفيان بن حرب: دعوه، رجل وصل أهل رحمه، أما إني أحلف بالله لو فعلنا مثل ما فعل كان أحسن بنا.
ثم إن هشاما مشى إلى زهير بن أبي أمية رضي الله عنه، وأمه عاتكة بنت عبد المطلب، فقال له: يا زهير أرضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب وتنكح النساء وأخوالك حيث قد علمت لا يبايعون ولا يبتاع منهم، ولا ينكحون ولا ينكح إليهم؟ أما إني أحلف بالله أن لو كانوا أخوال أبي الحكم بن هشام ثم دعوته إلى مثل ما دعاك إليه منهم ما أجابك إليه. فقال: ويحك يا هشام فماذا أصنع إنما أنا رجل واحد والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضها. قال: قد وجدت رجلا. قال: من هو؟ قال: أنا: فقال له زهير: ابغنا رجلا ثالثا.
فذهب إلى المطعم بن عدي فقال له: يا مطعم أرضيت أن يهلك بطنان من بني عبد مناف وأنت شاهد على ذلك موافق لقريش فيه؟ أما والله لئن مكنتموهم من هذه لتجدنهم إليها منكم سراعا. فقال: ويحك فماذا أصنع إنما أنا رجل واحد. قال: قد وجدت ثانيا. قال:
من هو؟ قال: أنا. قال: ابغنا ثالثا. قال: قد فعلت. قال: من هو؟ قال زهير بن أبي أمية. قال: ابغنا رابعا.
فذهب إلى أبى البختري بن هشام فقال له نحوا مما قال للمطعم بن عدي فقال: وهل أحد يعين على هذا الأمر؟ قال: نعم. قال: من هو؟ قال: زهير بن أمية والمطعم بن عدي وأنا معك. قال: ابغنا خامسا.
فذهب إلى زمعة بن الأسود فكلمه وذكر له قرابتهم وحقهم فقال: وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحد؟ قال: نعم وسمى له القوم.