كان يندمج بعضه في بعض إلى أن يصغر حجمه فيصير بقدر صورة دحية، ثم يعود وينبسط إلى أن يصير كهيئته الأولى.
وما ذكره الصوفية أحسن، ويجوز أن يكون جسمه الأول بحاله لم يتغير، وقد أقام الله له شبحا آخر وروحه متصرفه فيها جميعا في وقت واحد. انتهى.
وقال العلامة شمس الدين بن القيم في كتاب الروح: للروح شأن غير شأن الأبدان، فتكون في الرفيق الأعلى وهي متصلة ببدن الميت بحيث إذا سلم المسلم على صاحبها رد عليه السلام وهي في مكانها هناك، وهذا جبريل رآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وله ستمائة جناح منها جناحان سدا الأفق، وكان يدنو من النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى يضع ركبتيه على ركبتيه ويديه على فخذيه، وقلوب المؤمنين تتسع للإيمان بأن من الممكن أنه كان يدنو هذا الدنو وهو في مستقره من السماوات. وفي الحديث في رؤية جبريل: (فرفعت رأسي فإذا جبريل صاف قدميه بين السماء والأرض يقول: يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل، فجعلت لا أصرف بصري إلى ناحية إلا رأيته كذلك).
وإنما يأتي الغلط هنا من قياس الغائب على الشاهد، فيعتقد أن الروح من جنس ما يعهد من الأجسام التي إذا شغلت مكانا لم يمكن أن تكون في غيره. وهذا غلط محض.
وقال الحافظ: إن تمثل الملك رجلا ليس معناه أن ذاته انقلبت رجلا، بل معناه أن ظهر بتلك الصورة تأنسا لمن يخاطبه، والظاهر أن القدر الزائد لا يزول ولا يفنى بل يخفى على الرائي فقط. والله أعلم. انتهى.
الثامن: قال الحافظ: ودوي النحل في حديث عمر لا يعارض صلصلة الجرس لأن سماع الدوي بالنسبة إلى الحاضرين والصلصلة بالنسبة إلى مقامه صلى الله عليه وآله وسلم.
التاسع: في بيان غريب ما سبق:
روح القدس: جبريل عليه الصلاة والسلام لأنه خلق من محض الطهارة.
نفث في روعي: يعني جبريل أوحى إلي من النفث بالفم المثلثة، وهو شبيه بالنفخ، وهو أقل من التفل، لأن التفل لا يكون إلا ومعه شئ من الريق.
الروع - بضم الراء: النفس.
الصلصلة (1): صوت الحديد إذا حرك، يقال صل الحديد وصلصل، والصلصلة أشد من الصليل.