وعند الطبراني بإسناد فيه من لا يعرف أن سبب إبطاء جبريل كون جرو كلب تحت سريره صلى الله الله عليه وسلم لم يشعر به، فأبطأ عنه جبريل كذلك.
وقضية إبطاء جبريل بسبب كون الكلب تحت سريره مشهورة، لكن كونها سبب نزول هذه السورة شاذ مردود بما في الصحيح، وكل ما خالفه فغير ثابت.
العاشر: قال الإسماعيلي: كان من مقدمات تأسيس النبوة فترة الوحي ليتدرج فيه ويتمرن عليه، فشق عليه فتوره إذ لم يكن خوطب عن الله تعالى بعد: إنك رسول الله ومبعوث إلى العباد، فأشفق أن يكون ذلك أمرا بدئ به ثم لم يرد استتمامه، فحزن لذلك، حتى إذا اندرج على احتمال أعباء النبوة والصبر على ثقل ما يرد عليه فتح الله من أمره بما فتح.
قال: ومثال ذلك ما وقع له من أول ما خوطب ولم يتحقق الحال على جليتها مثل رجل سمع آخر يقول: الحمد لله. فلم يتحقق أنه يقرأ حتى إذا وصلها بما بعدها من الآيات تحقق أنه يقرأ، وكذا لو سمع قائلا يقول: خلت الديار ولم يتحقق أنه ينشد شعرا حتى يقول:
محلها ومقامها. انتهى ملخصا.
ثم قال: وأما إرادة إلقاء نفسه من رؤوس الجبال بعد ما نبي فلضعف قوته عن حمل ما حمله عن أعباء النبوة، وخوفا مما حصل له من القيام بها من مباينة الخلق جميعا، كما يطلب الرجل الراحلة من غم يناله في العاجل بما يكون فيه زواله عنه له أفضى إلى هلاك نفسه عاجلا، حتى إذا تفكر فيما في صبره على ذلك من العقبى المحمودة صبر واستقرت نفسه.
قال الحافظ رحمه الله تعالى: أما الإرادة المذكورة أولا: ففي صحيح الخبر أنه كانت حزنا على ما فاته من الأمر الذي بشره به ورقة. وأما الإرادة الثانية بعد أن تبدى له جبريل وقال له: أنت رسول الله حقا فيحتمل ما قاله.
والذي يظهر لي أنه بمعنى الذي قبله. وأما المعنى الذي ذكره الإسماعيلي فوقع قبل ذلك في ابتداء مجئ جبريل، ويمكن أن يؤخذ مما رواه الطبراني من طريق النعمان بن راشد عن ابن شهاب فذكر نحو حديث البخاري وفيه: فقال: يا محمد أنت رسول الله حقا. قال:
فلقد هممت أن أطرح نفسي من حالق الجبل أي من علوه. انتهى.
الحادي عشر: في بيان غريب ما تقدم:
عدا: بعين مهملة: من العدو وهو الذهاب بسرعة، وبإعجامها من الذهاب غدوة.
يتردى: يسقط.
شواهق: جمع شاهق وهو الجبل العالي.