يكون عمره عليه حجة، وأن تؤديه أيامه إلى شقوة؟! نسأل الله [سبحانه] أن يجعلنا وإياكم ممن لا تبطره نعمة ولا تقصر به [عن] طاعة ربه [غاية] ولا تحل به بعد الموت ندامة ولا كآبة.
وقال رضي الله عنه:
أيها الناس شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة، وعرجوا عن طريق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة، أفلح من نهض بجناح أو استسلم فأراح [هذا] ماء آجن ولقمة يغص بها آكلها ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه.
فإن أقل يقولوا حرص على الملك وإن أسكت يقولوا جزع من الموت (1) هيهات هيهات بعد اللتيا والتي والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه [بل] اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة.
وقال رضي الله عنه:
أما بعد فإن الدنيا قد أدبرت وآذنت بواع وإن الآخرة [قد أقبلت و] أشرفت باطلاع وإن اليوم المضمار وغدا السباق والسبقة الجنة والغاية النار.
أفلا تائب من خطيئته قبل منيته؟ ألا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه؟.
ألا وإنكم في أيام أمل من ورائه أجل فمن عمل في أيام مهله (2) قبل حضور أجله فقد نفعه عمله [ولم يضره أجله، ومن قصر في أيام أمله قبل حضور أجله فقد خسر عمله] وضره أجله (3).
ألا فاعملوا في الرغبة كما تعملون في الرهبة.
ألا وإني لم أر كالجنة نام طالبها ولا كالنار نام هاربها.
ألا وإنكم أمرتم بالرحيل ودللتم على الزاد، وإن أخوف ما أخاف عليكم [اثنتان] اتباع الهوى وطول الامل فمن قصر أمله حسن عمله.