الحق وأنار طرقه فشقوة لازمه أو سعادة دائمة (1) فتزودوا في أيام الفناء لأيام البقاء فقد دللتم على الزاد وأمرتم بالظعن وحثثتم على المسير فإنما أنتم ركب وقوف لا تدرون متى تؤمرون بالمسير!!!
ألا فما يصنع بالدنيا من خلق للآخرة؟ وما يصنع بالمال من عما قليل يسلبه وتبقى عليه تبعته وحسابه؟!!
عباد الله إن عليكم رصدا من أنفسكم وعيونا من جوارحكم وحفاظ صدق يحفظون أعمالكم وعدد أنفاسكم لا يستركم منهم [ظلمة] ليل داج ولا يكنكم [منهم] باب ذو رتاج (2) وإن غذا من اليوم لقريب.
يذهب اليوم بما فيه ويجئ غدا لاحقا به فكأن كل امرئ منكم قد بلغ من الأرض منزل وحدته ومحط حفرته فيا له من بيت وحدة ومنزل وحشة ومقر غربة.
وكأن الصيحة قد أتتكم والساعة قد غشيتكم (3) وبرزتم لفصل القضاء وزاح عنكم الباطل واضمحلت عنكم العلل واستحقت بكم الحقائق (4) وصدرت بكم الأمور مصادرها فاتعظوا بالعبر وانتفعوا بالنذر وما تغن النذر عن قوم لا يؤمنون (5).
وقال رضي الله عنه:
أيها الناس اعتصموا بتقوى الله فإن لها حبلا وثيقا عروته ومعقلا منيعا ذروته وبادروا الموت وغمراته ومهدوا له قبل حلوله وأعدوا له قبل نزوله [ف] إن الغاية وكفى بذلك واعظا لمن عقل ومعبرا لمن جهل وقبل بلوغ الغاية ما تعلمون من ضيق الأرماس وشدة الابلاس وهول المطلع وروعات الفزع الأكبر وضم الضريح وردم الصفيح!!! (6).