[يا كميل] العلم خير لك من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال [و] العلم يزكو على العمل (1) والمال تنقصه النفقة، والعلم حاكم والمال محكوم عليه، وصحبة العالم دين يدان به، والعلم يكسب العالم الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته.
[يا كميل] مات خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم [في] الوجود مفقودة (2) وأمثالهم في القلوب موجودة، هاه هاه [إن ها] هنا - وأشار إلى صدره - علما [جما] لو أصيب له حملة!!! بلى أصيبه لغير مأمون عليه، يستعمل آلة الدين للدنيا [و] يستظهر بحجج الله على كتابه وبنعمه على عباده، أو موافقا؟ لأهل الحق لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشك بقلبه بأول عارض [من شبهة] [اللهم] لاذا ولاذو؟ أو منهوما باللذات سلس القياد للشهوات، أو مغرما بجمع المال والادخار، ليسوا من رعاة الدين [في شئ] هم أقرب شبها بالأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه.
اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجته كي لا تبطل حجج اله حتى يؤدونها وهم الأقلون عدد الأعظمون عند الله قدرا بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم ويزرعوها في قلوب أشباههم (3) هجم بهم العلم على حقيقة الامر فاستلانوا ما استوعره المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون [و] صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمنظر الاعلى أولئك خلفاؤه في بلاده ودعاته إلى دينه آه وا شوقاه إلى رؤيتهم واستغفر لي ولك إذا شئت فقم.
وقال نوف البكالي: رأيت علي بن أبي طالب خرج فنظر في النجوم فقال: يا نوف أراق أنت أم رامق؟ فقلت: بل رامق يا أمير المؤمنين. [ف] قال:
يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة أولئك قوم اتخذوا الأرض بساطا وترابها فراشا وماءها طيبا والقرآن والدعاء شعارا ودثارا.
يا نوف أوحى الله إلى عيسى [بن مريم أن] مر بني إسرائيل أن لا يدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب طاهرة وأبصار خاشعة وأيد نقية فإني لا أستجيب لاحد منهم ولاحد من خلقي عنده مظلمة (4).