أما بعد فإن معصية الناصح (1) العالم الشفيق المجرب تورث الحيرة وتعقب الندامة وقد كنت أمرتكم في هذه الحكومة بأمري ونخلت لكم رأيي لو كان يطاع لقصير رأي؟ فأبيتم علي إباء المخالفين الجفاة فكنت وإياكم كما قال أخو هوازن: دريد بن الصمة:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى * فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد فلما عصوني كنت منهم وقد أرى * غوايتهم أو أنني غير مهتد ألا وإن هذين الرجلين اللذين اخترتموهما حكمين قد نبذا حكم القرآن وراء ظهورهما فأماتا ما أحياه القرآن واتبع كل واحد منهما هواه فحكم بغير حجة بينة ولا سنة ماضية واختلفا في حكمهما وكلاهما لم يرشده الله [ف] استعدوا للجهاد والمسير وأصبحوا في معسكركم.
وقال الأسود بن سريع: دخل علي [عليه السلام] البصرة فخطب الناس فقال:
أيها الناس إن الله ذو رحمة واسعة وعفو عطيم وبرحمته نال الصالحون الفوز و [هو] ذو عقاب أليم جعل نقمته وعذابه على من خالفه وعصاه، وبعد البيان والهدى ما ضل الضالون، وقد أبلسكم بأعمالكم فما ظنكم [ى أهل البصرة]؟
فقام رجل [فقال:] نظن بك يا أمير المؤمنين خيرا ونرجوه. فقال أجل قد عفوت [عنكم] فلا تعودوا للفتنة فإنكم أول من سارع فيها.
وهذا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الفتح علا البيت فأخذ بحلقة بابه فأجافه (2) وقال:
لا إله إلا الله وحده وحده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده [ثم قال:] ما تقولون يا معشر قريش وما تظنون؟ قالوا: نظن حيرا ونقول خيرا أخ كريم وابن عم كريم. قال: [وأنا أقول] كما قال أخي يوسف: (لا تثريب عليكم اليوم) [92 / يوسف: 12] [ثم قال:] ألا إن مفاخر الجاهلية تحت قدمي هاتين إلا ما كان من سدانة الكعبة وسقاية