جواهر المطالب في مناقب الإمام علي (ع) - ابن الدمشقي - ج ١ - الصفحة ١٥٢
أقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبرئيل وخديجة أقرأها جبرئيل السلام من ربها على لسان نبيه!!!
فقيل: خديجة أفضل أم فاطمة؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فاطمة بضعة مني " ولا أعدل ببضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم [أحدا].
وهو استقراء حسن؟ يشهد بذلك أن أبا لبابة لما ربط نفسه وحلف أن لا يحله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت فاطمة لتحله فأبى من أجل قسمه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما فاطمة بضعة مني (1).
قال ويدل عليه قوله عليه [السلام] والصلاة: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم (2).
وقد تكلم الناس في المعنى الذي سادة به على سائر أخواتها فقيل: لأنها ولدت سيد هذه الأمة وهو الحسن ولقوله عليه الصلاة والسلام: " إن ابني هذا سيد " وهو خليفة وبعلها أيضا خليفة (3).
وأحسن من هذا قول من قال: سادت على سائر أخواتها لأنهن ماتوا في حياته فكن في صحيفته ومات هو صلى الله عليه وسلم فكان رزؤه في صحيفتها وميزانها.
وقد روى البزار من طريق عائشة " رض " قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاطمة خير بناتي إنها أصيبت بي (4).
ومن شرفها أن المهدي الذي يملأ الأرض عدلا من ولدها وقد اختصت بهذه المزايا دون أخواتها.
وفضائلها رضوان الله عليها أكثر من أن يحصى [ذكر] ذلك كله الامام السهيلي رحمه الله في كتابه روض الانف (5) والله أعلم.

(١) لا عهد لي بهذا الحديث، وليراجع سيرة النبي بعد رجوعه من تبوك من كتب التاريخ أو تفسير قوله تعالى: (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا) [١٠٢ / التوبة ٩].
(٢) هكذا في روايات آل أمية، ولا استثناء في روايات أهل البيت عليهم السلام.
(٣) وكل هذا فضائل عظام لن تتحقق لغيرها صلوات الله عليها ولكنها فضائل خارجية، وإذا يتأمل الباحث فيما جاء من فضائلها يجد أن لها فضائل نفسية داخلية لن يتحلى بها أحد غيرها صلوات الله عليها فليراجع المنصفون ما دونه الثقات من فضائلها.
(٤) لم يصل إلي بعد سنن البزار.
(٥) كتاب روض الانف منشور، ولكن ما ظفرت عليه بعد.
ثم أنه ينبغي لنا أن نعلق على هذا الباب، ما رواه محمد بن عبد الرزاق بن علي بن زين العابدين المناوي - المولود عام: (٩٥٢) المتوفى سنة: (١٠٣١) - في الباب الرابع من كتابه اتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب، ص ٦٠ ط مصر، قال:
[الباب الرابع في خصائصها ومزاياها على غيرها] وهي كثيرة:
الأولى - أنها أفضل هذه الأمة:
روى أحمد والحاكم والطبراني عن أبي سعيد الخدري - بإسناد صحيح مرفوعا - " فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم ". وفي رواية صحيحة: إلا ما كان من مريم بنت عمران " فعلم أنها أفضل من أمها خديجة، وما وقع في الاخبار مما يوهم أفضليتها، فإنما هو من حيث الأمومة فقط.
و [أيضا هي أفضل] عن عائشة - على الصحيح - بل الصواب.
قال السبكي: الذي نختاره وندين الله به:
أن فاطمة أفضل [نساء هذه الأمة] ثم خديجة! ثم عائشة!
قال: ولم يخف عنا الخلاف في ذلك، ولك إذا جاء نهر الله بطل نهر العقل! قال الشيخ شهاب الدين ابن حجر الهيتمي: ولوضوح ما قاله السبكي تبعه عليه المحققون...
وممن تبعه عليه: الحافظ أبو الفضل بن حجر، فقال في موضع:
هي مقدمة على غيرها من نساء عصرها، ومن بعدهن مطلقا.
مناقشة قول ابن القيم:
وأما قول ابن القيم: إن أريد بالتفضيل كثرة الثواب عند الله فذاك أمر لا يطلع عليه، فإن عمل القلوب أفضل من عمل الجوارح (١).
وإن أريد كثرة العلم فعائشة (٢).
وإن أريد شرف الأصل فاطمة لا محالة، وهذه فضيلة لا يشاركها فيها غير أخواتها.
وإن أريد شرف السيادة فقد ثبت النص لفاطمة وحدها.
وما امتازت به عائشة من فضل العلم، لخديجة من يقابله وأعظم! وهي أنها أو من أجاب إلى الاسلام ودعي إليه، وأعان على إبلاغ الرسالة بالنفس والمال والتوجه، فلها مثل أجر من جاء بعدها إلى يوم القيامة.
قال: وقيل [إن] انعقد الاجماع على أفضلية فاطمة فأين [قول]: ما عدا مريم؟
أما مريم أفضل منها إن قلنا بما عليه القرطبي في طائفة من أنها " نبية "، وكذا على قول تقدم نبوتها بقوة الخلاف؟ وبقصده استثناءها. أعني مريم في عدة أحاديث من بعضها؟
بل روى ابن عبد البر عن ابن عباس مرفوعا: " سيدة نساء العالمين مريم، ثم فاطمة، ثم خديجة ثم آسية ".
قال القرطبي: وهذا حديث حسن يرفع الاشكال من أصله (٣).
وقول الحافظ ابن حجر: " إنه غير ثابت ". إن أراد به نفي الصحة الاصطلاحية فمسلم، فإنه حسن لا صحيح.
ونص على ذلك الحافظ الجبل؟ ولفظه عن ابن عباس مرفوعا " سيدات نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران فاطمة وخديجة، ثم آسية بنت مزاحم امرأة فرعون " رواه الطبراني في [في المعجم] الكبير بنحو.
قال الحافظ الهيثمي: ورجال الكبير رجال الصحيح.
لكن قال بعضهم: لا أعدل ببضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا وممن صار إلى ذلك:
المقريزي والسيوطي.
أفضليتها على نساء هذه الأمة:
أما نساء هذه الأمة لا ريب في تفضيلها عليهم مطلقا بل صرح غير واحد أنها وأخوها إبراهيم أفضل من جميع الصحابة حتى الخلفاء الأربعة.
أفضليتها على بقية أخواتها:
وذهب الحافظ ابن حجر أنها أفضل من بقية أخواتها، لأنها [أهل] ذرية المصطفى دون غيرها من بناته، فإنهم متن في حياته، فكن في صحيفته، ومات في حياتها فكان صحيفتها! قال: وكنت أول ذلك استنباطا إلى أن وجدت الإمام ابن جرير الطبري نص عليه: فأخرج عن طريق فاطمة بنت الحسين بن علي عن جدتها فاطمة قالت:
" دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما وأنا عند عائشة، فناجاني فبكيت ثم ناجاني فضحكت، فسألتني عائشة عن ذلك، فقلت: لا أخبرك بسره، فلما توفي سألتني فذكرت الحديث في معارضه جبريل له بالقرآن مرتين، وأنه قال: أحسب أني ميت في عامي هذا، وأنه لم ترزأ امرأة من نساء العالمين مثلها فلا تكون دون امرأة منهن صبرا، فبكيت، فقال: أنت سيدة نساء أهل الجنة فضحكت ".
وأما ما أخرجه الطحاوي وغيره من حديث عائشة في قصة مجئ زيد بن حارثة بزينب بنت المصطفى قال النبي صلى الله عليه وسلم " هي أفضل بناتي أصيبت في ".
فأجاب عنه بعض الأئمة - بفرض ثبوته - بأن ذلك كان متقدما، ثم وهب الله فاطمة من الأحوال السنية والكمالات العليا ما لم يطاولها فيه أحد من نساء هذه الأمة مطلقا.
على أن البزار روى عن عائشة أنها قالت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: " هي خير بناتي إنها أصيبت بي ".
وعليه فلا حاجة للجواب المتقدم بنصه الصريح على أفضليتها مطلقا.
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة التحقيق 5
2 مقدمة المؤلف 11
3 الباب الأول: في ذكر نسبه الشريف 25
4 الباب الثاني: في ذكر أسمائه الشريفة 29
5 الباب الثالث: في صفته عليه السلام ومولده وعمره 35
6 الباب الرابع: في أنه عليه السلام كان أول من أسلم 37
7 الباب الخامس: في تربية النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليا حال طفولته 39
8 الباب السادس: في كفالة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له وإسلامه 41
9 الباب السابع: في هجرته عليه السلام إلى المدينة 47
10 الباب الثامن: في أنه عليه السلام أول من يجثو للخصومة يوم القيامة 49
11 الباب التاسع: في أنه عليه السلام أول من يقرع باب الجنة، وفي ذكر خصائصه عليه السلام وما حباه الله تعالى به 51
12 الباب العاشر: في اختصاصه عليه السلام بأنه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمنزلة هارون من موسى 57
13 الباب العاشر: في اختصاصه عليه السلام بإخاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم 69
14 الباب الحادي عشر: أن ذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صلبه 73
15 الباب الثاني عشر: في أنه ذائد الكفار والمنافقين عن حوض النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي ذكر جملة أخرى من خصائصه عليه السلام منها إنه مولى من النبي صلى الله عليه وآله وسلم مولاه 75
16 الباب الثالث عشر: في أنه عليه السلام مولى من النبي صلى الله عليه وآله وسلم مولاه 83
17 الباب الثالث عشر: أنه عليه السلام ولي كل مؤمن بعده، وأنه منه 87
18 الباب الرابع عشر: في حقه عليه السلام على المسلمين، واختصاصه بأن جبريل منه، واختصاصه بتسليم الملائكة عليه، واختصاصه بتأييد الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم به 91
19 الباب الخامس عشر: في اختصاصه عليه السلام بالتبليغ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم 95
20 الباب السادس عشر: في اختصاصه عليه السلام بإقامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إياه مقام نفسه في نحر بدنه، وإشراكه إياه في هديه والقيام على بدنه 99
21 الباب السابع عشر: اختصاصه عليه السلام بمغفرة من الله يوم عرفة، وأنه لا يجوز أحد على السراط إلا من كتب له علي الجواز 101
22 الباب الثامن عشر: في أنه سيد العرب وحث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأنصار على حبه عليه السلام 105
23 الباب التاسع عشر: في اختصاصه بالوصاية بالإرث 107
24 الباب العشرون: في اختصاصه عليه السلام برد الشمس عليه 109
25 كتاب كشف اللبس في حديث رد الشمس للحافظ جلال الدين السيوطي 111
26 رسالة مزيل اللبس عن حديث رد الشمس تأليف العلامة أبي عبد الله محمد بن يوسف الدمشقي الصالحي 121
27 الباب الحادي والعشرون: في اختصاصه بتزويج فاطمة رضي الله عنها 147
28 الباب الثاني والعشرون: في أنه وزوجته وبنيه من أهل البيت عليهم السلام 171
29 الباب الثالث والعشرون: في أنه صلى الله عليه وآله وسلم حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم 173
30 الباب الرابع والعشرون: في اختصاصه بإدخال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إياه معه في ثوبه يوم مات 175
31 الباب الخامس والعشرون: في إعطائه الراية يوم خيبر 177
32 الباب السادس والعشرون: في اختصاصه بحمل لواء الحمد يوم القيامة وفي لبسه ثياب الصيف في الشتاء وثياب الشتاء في الصيف، وفي وقوفه بين سيدنا إبراهيم والنبي صلى الله عليه وآله وسلم في ظل العرش، وأنه يكسى إذا كسي النبي صلى الله عليه وآله وسلم 181
33 الباب السابع والعشرون: في سد الأبواب الشارعة إلى المسجد إلا بابه 185
34 الباب الثامن والعشرون: في تنويه الملائكة باسمه يوم بدر 189
35 الباب التاسع والعشرون: في اختصاصه بالقتال على تأويل القرآن، وفي اختصاصه بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد إلا بابه 191
36 الباب الثلاثون: في أنه حجة الله على أمته، وأنه باب مدينة العلم، وأنه أكثر الأمة علما 193
37 الباب الحادي والثلاثون: في إحالة جميع الصحابة عما يسألون عنه من العلوم عليه 197
38 الباب الثاني والثلاثون: في أنه عليه السلام أقضى الأمة، وفي أنه دعا له النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين ولاه اليمن، وفي أنه لم يكن أحد من الصحابة يقول سلوني سواه 203
39 الباب الثالث والثلاثون: فيما خص به من الاختصاص بما لم يخص به أحد من الصحابة ولا غيرهم سواه، ووقايته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه، ولبسه ثوبه، ونومه مكانه 209
40 الباب الرابع والثلاثون: في وقايته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه ولبسه ثوبه، ونومه مكانه 215
41 الباب الخامس والثلاثون: فيما نزل في شأنه عليه السلام من الآيات 219
42 الباب السادس والثلاثون: في بيان أفضليته عليه السلام 223
43 الباب السابع والثلاثون: في شهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم له بالجنة 227
44 الباب الثامن والثلاثون: في أنه ذائد المنافقين هن حوض النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وذكر ما فيه يوم القيامة، وذكر نبذ من فضائله ومنزلته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 233
45 الباب التاسع والثلاثون: في منزلته من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومحبة الله ورسوله له، وشفقته عليه، ورعايته، ودعائه له وطروقته إياه ليلا يأمره بالصلاة، وكسوته الثوب الحرير 239
46 الباب الأربعون: في الحث على محبته، والزجر عن بغضه 247
47 الباب الحادي والأربعون: في شوق أهل السماء والأنبياء الذين هم في السماء إليه، وفي ذكر مباهاة الله سبحانه وحملة عرشه به، وفي ما أخبر به المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أنه مغفور له، وفي علمه وفقهه صلوات الله وسلامه عليه 257
48 الباب الثاني والأربعون: في كراماته، وشجاعته، وشدته في دين الله، ورسوخ قدمه في الايمان، وتعبده، وأذكاره وأدعيته عليه السلام 263
49 الباب الثالث والأربعون: في كرمه عليه السلام وما كان فيه من ضيق العيش 271
50 الباب الرابع والأربعون: فيما كان فيه عليه السلام من ضيق العيش وخشونته وورعه وحيائه وتواضعه 279
51 الباب الرابع والأربعون: في شفقته على أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وما جمع الله فيه من الصفات الجميلة في الجاهلية والاسلام، وإسلام قبيلة همدان على يده، وتخفيف الله عن الأمة بسببه 287
52 الباب الخامس والأربعون: في خلافته عليه السلام، وذكر ما جاء في صحتها، والتنبيه على ما ورد في ذلك من الأحاديث والاخبار والآثار 289
53 الباب السادس والأربعون: في بيعته عليه السلام ومن تخلف عنها 293
54 الباب السابع والأربعون: في ذكر حاجبه عليه السلام، ونقش خاتمه، وابتداء شخوصه من المدينة، وما رواه أبو بكر وعمر في حفه، وما قالا وصرحا به من فضله وخصائصه 295
55 الباب الثامن والأربعون: في ذكر شئ من خطبه، وذكر شئ من كلامه عليه السلام 299
56 الباب التاسع والأربعون: في ذكر شئ من مواعظه عليه السلام 301
57 الباب التاسع والأربعون: في خطبه عليه السلام ومواعظه الجامعة 305
58 الباب الخمسون: في كتبه عليه السلام إلى معاوية وإلى عماله وغيرهم، وفي أجوبة معاوية له، وفيما أوصى عليه السلام به من وصاياه النافعة والكلمات الجامعة 357