أبو محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام وأخوه جعفر فحففنا بأبي محمد (1) وكان المتولى لحبسه صالح بن الوصيف الحاجب وكان معنا في الحبس رجل جمحي [يقال: إنه علوي] قال: فالتفت إلينا أبو محمد وقال لنا سرا: لولا أن فيكم من ليس منكم لأعلمتكم متى يفرج عنكم (2)، وترى هذا الرجل فيكم قد كتب فيكم قصته إلى الخليفة يخبره فيها بما تقولون فيه وهي مدسوسة معه في ثيابه يريد أن يوسع الحيلة في إيصالها إلى الخليفة من حيث لا تعلمون فاحذروا شره.
قال أبو هاشم: فما تمالكنا أن تحاملنا جميعا على الرجل ففتشناه فوجدنا القصة مدسوسة معه بين ثيابه وهو يذكرنا فيها بكل سوء، فأخذناها منه وحذرناه (3).
وكان الحسن يصوم في السجن فإذا افطر أكلنا معه من طعامه وكان يحمله إليه غلامه في جونة مختومة. قال أبو هاشم: فكنت أصوم معه، فلما كان ذات يوم ضعفت من الصوم فأمرت غلامي فجاءني بكعك فذهبت إلى مكان خالي في الحبس فأكلت وشربت ثم عدت إلى مجلسي مع الجماعة ولم يشعر بي أحد، فلما رآني تبسم وقال: أفطرت؟ فخجلت، فقال: لا عليك يا أبا هاشم إذا رأيت انك قد ضعفت وأردت القوة فكل اللحم فإن الكعك لا قوة فيه، وقال: عزمت عليك أن تفطر ثلاثا فإن البنية إذا أنهكها الصوم لا تتقوى إلا بعد ثلاث (4).
قال أبو هاشم: ثم لم تطل مدة أبي محمد الحسن في الحبس إلا أن قحط الناس بسر من رأى قحطا شديدا، فأمر الخليفة المعتمد على الله ابن المتوكل بخروج الناس إلى الاستسقاء، فخرجوا ثلاثة أيام يستسقون ويدعون فلم يسقوا، فخرج