أجب إلى كتاب الله تعالى إذا دعيت إليه وإلى ما فيه أولا وإلا دفعناك برمتك إلى القوم (1). وكان الأشتر (رض) في الميمنة وعلي (عليه السلام) في القلب وابن عباس في الميسرة على ما سبق ذكره.
فكف علي وابن عباس عن القتال (2) ولم يكف الأشتر (3) وذلك لما رأى من لوايح النصر والظفر فقالوا: ابعث إلى الأشتر فليأتك ويكف عن القتال فبعث إليه علي يزيد بن هانئ يستدعيه (4)، فقال الأشتر: قل لأمير المؤمنين: ليست هذه الساعة بالساعة التي ينبغي أن يزيلني بها عن موقفي (5) فإني قد وجدت ريح الظفر (6).
فأتى عليا وأخبره بمقالته فرده إليه ثانيا وهو يقول له: اقبل إلي فإن الفتنة قد وقعت، فجاءه (7) الأشتر (رض) وقال: ما هذا؟ ألرفع المصاحف؟ قال: نعم، قال:
والله لقد ظننت أنها ستوقع (8) اختلافا وفرقة وأنها مشورة ابن العاص (9).
فأقبل الأشتر على القوم من أصحابه وقال: يا أهل العراق يا أهل الذل والوهن، أحين علوتم القوم وعرفوا أنكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها؟
ويلكم أمهلوني فواقا فإن الفتح قد حصل والنصر قد أقبل، قالوا: لا يكون ذلك أبدا فقال: أمهلوني عدو الفرس، قالوا: إذن ندخل معك في خطيئتك، قال: محدثوني (10)