الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ٢٦٣
وتارة بمعنى الناصر، قال الله تعالى: ﴿ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم﴾ (١) معناه: أن الله ناصر الذين آمنوا وأن الكافرين لا ناصر لهم.
وتارة بمعنى الوارث، قال تعالى: ﴿ولكل جعلنا مولى مما ترك الوالدان والأقربون﴾ (٢) معناه: وارثا.
وتارة بمعنى العصبة، قال الله تعالى: ﴿وإني خفت الموالى من ورآئى﴾ (٣) معناه:
عصبتي.
وتارة بمعنى الصديق، قال الله تعالى: ﴿يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا﴾ (4) معناه:
حميم عن حميم، وصديق عن صديق.
وتارة بمعنى السيد والمعتق، وهو ظاهر.
وإن (5) كانت واردة لهذه المعاني فيكون معنى الحديث: من كنت ناصره أو حميمه أو صديقه فإن عليا يكون كذلك (6).

(١) محمد: ١١.
(٢) النساء: ٣٣.
(٣) مريم: ٥.
(٤) الدخان: ٤١.
(٥) في (د): وإذا.
(٦) لما كان للفظ الولي معاني متعددة كما هو المقرر عند اللغويين والعلماء المتبحرين في اللغة - لذا أشكل المصنف (رحمه الله) وهو كالإشكات السابقة، ونحن لسنا بصدد مناقشته ورده بل نعطيه الحق لأسباب كثيرة منها أنه ربما قال ذلك تقية لما كان سائدا في عصره من اضطراب الفتن، وقتل كل من يتفوه بكلمة حق، أو بإظهار منقبة من مناقب آل الرسول (صلى الله عليه وآله) وقد كان رحمه الله تعالى ملتفتا إلى ذلك في كثير من عباراته التي جاءت في مقدمة كتابه، وبما يضمره له علماء السوء من الوقيعة به واتهامه بالتشيع، وبالتالي يكون حاله كحال الإمام النسائي أو الامام الشافعي.
وثانيا: أنه ختم أعماله بهذا الإنجاز العظيم وهو إظهار فضائل أهل البيت (عليهم السلام)، وما أحسن المرء أن يختم عمله بحب وولاية أهل البيت (عليهم السلام) بناء على قوله (صلى الله عليه وآله): طوبى لمن أحبهم وتبعهم... و طوبى لمن تمسك بهداهم... كما جاء في ينابيع المودة: ٣ / ٢٨٣ ط أسوة.
وأما بخصوص الآية التي احتج بها المصنف (رحمه الله) ولا أعتقد أنه جاء بها ليستدل بها على المعنى الثاني لأنه قال: " قال العلماء " فهو ينقل كلام العلماء في معنى لفظ المولى. والآية نزلت في حق المنافقين كما صرح هو بذلك " مأواكم النار هي مولاكم " أي أن الخطاب للمنافقين، فالنار هي أولى بكم، وهذا هو أحد المعاني في الآية، وقد ذهب إليه ابن عباس في تنوير المقباس من تفسير ابن عباس: ٤٥٧ انتشارات استقلال طهران، وذكر الفخر الرازي في تفسيره: ٨ / ٩٣ نقله عن الكلبي وعن الفراء وأبي عبيدة البصري، وكذلك الشيخ المفيد (رحمه الله) في رسالته الموسومة ب‍ " معنى المولى "، والشريف المرتضى في " غريب القرآن " مستشهدا ببيت لبيد:
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه * مولى المخافة خلفها وأمامها واحتج به الشريف الجرجاني في شرح المواقف: ٣ / ٢٧١ بنقل ذلك ردا على الماتن، وذكره الأخفش كما في نهاية العقول للرازي، وأبو زيد البصري، حكاه عنه صاحب الجواهر العبقرية، والبخاري في صحيحة: ٧ / ٢٤٠، وابن قتيبة في القرطين: ٢ / ١٦٤، والشيباني النحوي، والطبري في تفسيره ٩: ١١٧، والأنباري اللغوي النحوي في تفسيره مشكل القرآن، ونقله عنه الشريف الرضي، وابن البطريق في العمدة: ٥٥، وأبو الحسن الرماني علي بن عيسى: ٢٣.
وذكره عنه الفخر الرازي في نهاية العقول، والواحدي قال في تفسيره: هي أولى بكم لما أسلفتم من الذنوب، أي انها هي التي تلي عليكم لأنها قد ملكت أمركم فهي أولى بكم من كل شئ. وذكر ذلك ابن الجوزي في تفسير زاد المسير، وفي مطالب السؤول أيضا: ١٦، وسبط ابن الجوزي في التذكرة: ١٩، والرازي في مختار الصحاح، وفي غريب القرآن، والتفتازاني في شرح المقاصد: ٢٨٨ وتفسير الجلالين، وتوضيح الدلايل على ترجيح الفضايل لجلال الدين أحمد الخجندي، والقوشجي في شرح التجريد، والخفاجي في حاشية تفسير البيضاوي، والصنعاني في الروضة الندية نقلا عن الفقيه حميد الحلي، والسيد عثمان المكي الحنفي في تاج التفاسير: ٢ / ١٩٦.
وذكره أيضا: الشيخ حسن العدوي المالكي في النور الساري هامش صحيح البخاري: ٧ / ٢٤٠، الشبلنجي في نور الأبصار: ٧٨، والصواعق المحرقة لابن حجر: ٢٤، والمجلسي في بحار الأنوار:
٣٧
/ ٢٣٩، وابن البطريق في الخصائص: ٥٨ و ١١٢ - ١١٩، والمراجعات لشرف الدين: ٢٨٠، والمعارف لأبي الصلاح الحلبي: ١٥١ - ١٥٣، والمعيار والموازنة للإسكافي: ٢١٠ - ٢١٢، الرسائل العشر: ١٣٣ - ١٣٨، كشف الغمة: ١ / ٦٢، إعلام الورى: ١٦٩ اللوامع الإلهية: ٢٧٨، الصراط المستقيم:
١
/ ٣٠٠، حق اليقين: ١ / ٢٥٥، فضائل الخمسة: ١ / ٤٤٣، معالم المدرستين: ١ / ١٤٥.
أما الذين قالوا بأن الآية تشير إلى المعنى الثاني - اي صاحبتكم وأولى وأحق أن تكون مسكنا لكم - فقد قال بذلك الثعلبي في تفسيره الكشف والبيان مستشهدا ببيت الشاعر لبيد السابق الذكر، وذكر هذا كل من يوسف بن سليمان صاحب تحصيل عين الذهب، كما جاء في تعليق كتاب سيبويه: ١ / ٢٠٢، والفراء حسين بن مسعود البغوي في معالم التنزيل: ٤ / ٢٩٧ تحقيق خالد عبد الرحمن العك، ومروان سوار طبعة دار المعرفة بيروت، والزمخشري في الكشاف ٢: ٤٣٥، ومحب الدين العكبري البغدادي في تفسيره: ١٣٥.
وكذلك البيضاوي في تفسيره: ٢ / ٤٩٧، والنسفي في تفسيره هامش تفسير الخازن: ٤ / ٢٢٩، وعلاء الدين محمد الخازن البغدادي في تفسير الخازن: ٤ / ٢٢٩، وتفسير المصون في علم المكنون ليوسف الحلبي، والنيسابوري في تفسيره هامش تفسير الرازي: ٨ / ٧٢، والشربيني الشافعي في تفسيره: ٤ / ٢٠٠، ومحمد بن محمد الحنفي القسطنطيني في تفسيره هامش تفسير الرازي: ٨ / ٧٢.
وكذلك الشيخ سليمان حمل في تعليقه على تفسير الجلالين الذي أسماه بالفتوحات الإلهية، وحاشية تفسير البيضاوي لجار الله، ومحب الدين أفندي في كتابه تنزيل الآيات على الشواهد في الأبيات. ولسنا بصدد بيان ومناقشة هؤلاء، فمن أراد الاطلاع فليراجع كتاب الغدير: ١ / ٣٤٩.
أقوال بعض العلماء بخصوص آية التبليغ وحديث الغدير وولاية أمير المؤمنين (عليه السلام):
? قال العلامة المجلسي في قوله تعالى (يا أيها الرسول بلغ مآ أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس):
مما يعين أن المراد بالمولى الأولى والخليفة والإمام، لأن التهديد بأنه إن لم يبلغه فكأنه لم يبلغ شيئا من رسالاته، وضمان العصمة له يجب أن يكون في إبلاغ حكم يكون بإبلاغه إصلاح الدين والدنيا لكافة الأنام، وبه يتبين الناس الحلال والحرام إلى يوم القيامة، ويكون قبوله صعبا على الأقوام، وليس ما ذكروه من الاحتمالات في لفظ المولى مما يظن فيه أمثال ذلك إلا خلافته وإمامته (عليه السلام)، إذ بها يبقى ما بلغه (صلى الله عليه وآله) من أحكام الدين، وبها تنتظم أمور المسلمين، ولضغائن الناس لأمير المؤمنين كان مظنة إثارة الفتن من المنافقين، فلذا ضمن الله له العصمة من شرهم. (بحار الأنوار ٣٧ / ٢٤٩).
? وقال ابن البطريق في خصائصه:
اعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أبان في هذه الآية عن فضل مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) إبانة تؤذن بأن ولايته أفضل من كل فرض افترضه الله تعالى وتؤذن أنه أفضل من رتب المتقدمين والمتأخرين من الأنبياء والصديقين بعد النبي صلى الله عليهم أجمعين. فأما ما يدل على أن ولايته (عليه السلام) أعظم من ساير الفروض وآكد من جميع الواجبات فهو قوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ مآ أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) فولايته قامت مقام النبوة، لأن بصحة تبليغها عن الله ينفع شهادة أن لا إله إلا الله، وعدم تبليغها يبطل تبليغ الرسالة، فإذا حصلت صح تبليغ الرسالة، ومتى عدم التبليغ بهذا الأمر لا يجدي تبليغ الرسالة، وما كان شرطا في صحة وجود أمر من الأمور ما يصح وجوده إلا بوجوده ووجب كوجوبه. (الخصائص: ٥٨).
? وقال السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي في المراجعات:
وأنت - نصر الله بك الحق - تعلم أن الذي يناسب مقامه في ذلك الهجير ويليق بأفعاله وأقواله يوم الغدير إنما هو تبليغ عهده وتعيين القائم مقامه من بعده، والقرائن اللفظية والأدلة العقلية توجب القطع الثابت الجازم بأنه (صلى الله عليه وآله) ما أراد يومئذ إلا تعيين علي وليا لعهده وقائما مقامه من بعده، فالحديث مع ما قد
(٢٦٣)
مفاتيح البحث: الصدق (1)، الخوف (2)، فضائل أهل البيت عليهم السلام (2)، أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، آية التبليغ (1)، كتاب نور الأبصار للشبلنجي (1)، عبد الله بن عباس (2)، مفردات غريب القرآن للراغب الإصفهاني (2)، كتاب إعلام الورى بأعلام الهدى (1)، كتاب الصراط المستقيم لعلي بن يونس العاملي (1)، كتاب كشف الغمة للإربلي (1)، كتاب تفسير الجلالين للمحلي ، السيوطي (1)، كتاب تفسير البيضاوي للبيضاوي (2)، كتاب تفسير الرازي للرازي (2)، يوم القيامة (1)، السيد عبد الحسين شرف الدين (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، كتاب صحيح البخاري (1)، كتاب الصواعق المحرقة (1)، محمد بن ادريس الشافعي (1)، كتاب حق اليقين للسيد الشبر (1)، الزمخشري (1)، العلامة المجلسي (2)، مدينة بيروت (1)، مدينة طهران (1)، كتاب بحار الأنوار (2)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، السبط إبن الجوزي (1)، علاء الدين محمد (1)، الشريف المرتضى (1)، علي بن عيسى (1)، ابن البطريق (3)، حديث الغدير (1)، جلال الدين (1)، الشريف الرضي، أبو الحسن محمد بن الحسين (1)، محمد بن محمد (1)، القرآن الكريم (1)، الثعلبي (1)، النفاق (2)، القتل (1)، الشهادة (1)، الباطل، الإبطال (1)، الظنّ (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 245 245 245 262 263 263 263 263 274 275 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 مقدمة التحقيق 9
3 ترجمة المؤلف 15
4 ممن اشتهر بابن الصباغ 16
5 مكانته العلمية 17
6 شيوخه 20
7 تلاميذه الآخذون منه والراوون عنه 21
8 آثاره العلمية 21
9 شهرة الكتاب 24
10 مصادر الكتاب 25
11 رواة الأحاديث من الصحابة 38
12 مشاهير المحدثين 46
13 مخطوطات الكتاب 54
14 طبعاته 57
15 منهج العمل في الكتاب 58
16 شكر و تقدير 60
17 مقدمة المؤلف 71
18 ] من هم أهل البيت؟ [ 113
19 في المباهلة 113
20 تنبيه على ذكر شيء مما جاء في فضلهم وفضل محبتهم (عليهم السلام) 141
21 الفصل الأول: في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه 163
22 فصل: في ذكر ام علي كرم الله وجهه 177
23 فصل: في تربية النبي (صلى الله عليه وسلم) له (عليه السلام) 181
24 فصل: في ذكر شيء من علومه (عليه السلام) 195
25 فصل: في محبة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 207
26 فصل: في مؤاخاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 219
27 فصل: في ذكر شيء من شجاعته (عليه السلام) 281
28 فائدة 533
29 فصل: في ذكر شيء من كلماته الرائعة 537
30 فصل: أيضا في ذكر شيء من كلماته 549
31 فصل: في ذكر شيء يسير من بديع نظمه ومحاسن كلامه (عليه السلام) 561
32 فصل: في ذكر مناقبه الحسنة (عليه السلام) 567
33 فصل: في صفته الجميلة وأوصافه الجليلة (عليه السلام) 597
34 فصل: في ذكر كنيته ولقبه وغير ذلك مما يتصل به (عليه السلام) 605
35 فصل: في مقتله ومدة عمره وخلافته (عليه السلام) 609
36 فصل: في ذكر أولاده عليه وعليهم السلام 641
37 فصل: في ذكر البتول 649