الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ١٣٠
قال جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) (1): أنفسنا محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله)وعلي (عليه السلام) وأبناؤنا الحسن والحسين، ونساؤنا فاطمة سلام الله عليهم أجمعين (2). هكذا رواه
(١) جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة الخزرجي السلمي الأنصاري: صحابي جليل وابن صحابي شهد بيعة العقبة مع أبيه وشهد ١٧ غزوة مع النبي (صلى الله عليه وآله) وصفين مع علي (عليه السلام)، قتل أبوه يوم أحد، وشهد العقبة مع السبعين من الأنصار، وكان أصغرهم يومئذ. وروي عنه أنه قال: كنت منيح أصحابي يوم بدر.
ومات بالمدينة سنة (٧٨ ه) وهو يومئذ ابن ٩٤ سنة، وكان قد ذهب بصره وهو آخر من توفي من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) بالمدينة. روى عنه أصحاب الصحاح ١٥٤٠ حديثا. (انظر ترجمته في تهذيب الكمال: ٤ / ٤٤٣ الرقم ٨٧١، تهذيب التهذيب: ٢ / ٤٢، المعارف لابن قتيبة: ٣٠٧) وقد ذكرنا شيئا عنه في مقدمتنا تحت عنوان: رواة الأحاديث من الصحابة، فراجع.
(٢) هذا الحديث ذكر في سبب نزول وتفسير الآية الكريمة. وروي بطرق عديدة سبق وأن أشرنا إلى بعض منها في سبب النزول ولكن نذكر هنا ما رواه الحاكم في مستدركه اختصارا لما يتطلبه المقام، علما بأن الحديث ورد بألفاظ مختلفة ولكنها تؤدي نفس المعنى، ومن أراد فليرجع إلى صحيح مسلم: ٢ / ٤٤٨ و: ٣٢ / ٢٤٠٤، سنن الترمذي: ٥ / ٣٠١ ح ٣٨٠٨، وقال في آخر الحديث: هذا حديث حسن غريب.
ولسنا بصدد مناقشته.
قال: حدثني الوالد الحاكم (رحمه الله) عن أبي حفص ابن شاهين في تفسيره عن موسى بن القاسم عن محمد بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو عبد اللهمحمد بن عمر بن واقد الأسلمي عن عتبة بن جبيرة عن حصين بن عبد الرحمن عن عمرو بن سعد بن معاذ قال: قدم وفد نجران العاقب والسيد فقالا: يا محمد إنك تذكر صاحبنا؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ومن صاحبكم؟ قالوا: عيسى بن مريم، فقال النبي: هو عبد الله ورسوله - إلى ان قال: - فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد علي ومعه فاطمة وحسن وحسين وقال: هؤلاء أبناؤنا وأنفسنا ونساؤنا... (انظر شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني: ١ / ١٥٥ ح ١٦٨ تحقيق الشيخ المحمودي، غاية المرام: ٣٠٠، تفسير فرات الكوفي: ١٤ / ٤٥، المناقبلابن المغازلي: ٢٦٣ ح ٣١٠ ط بيروت، الفضائللأحمد بن حنبل: ح ٢٧، أسباب النزول للواحدي: ٧٤ الطبعة الأولى).
وعن ابن عباس في قوله تعالى (إن مثل عيسى...) وساق نحوه إلى أن قال (صلى الله عليه وآله): هؤلاء أبناؤنا ونساؤنا وأنفسنا... (انظر شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني: ١ / ١٥٧ ح ١٦٩).
وعن الشعبي عن جابر بن عبد الله قال: قدم وفد أهل نجران... وساق نحوه إلى أن قال الشعبي:
أبناءنا الحسن والحسين (عليهما السلام) ونساءنا فاطمة وأنفسنا علي بن أبي طالب (عليه السلام). (انظر فرائد السمطينللجويني: ح ٣٧١، والمناقبلابن المغازلي: ٣١٠ / ٣٦٣، العمدةلابن البطريق: ٩٦، الخصائص: ٦٧).
وروى الحديث أيضا عن أبي الحسين علي بن عبد الرحمن بن عيسى الدهقان. قال: حدثنا الحسين بن الحكم الحبري قال: حدثنا حسن بن حسين العرني قال: حدثنا حبان بن علي العنزي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى (فقل تعالوا ندع...) قال: نزلت في رسول الله وعلي (أنفسنا) و (نساءنا) فاطمة و (أبناءنا) حسن وحسين. والدعاء على الكاذبين نزلت في العاقب والسيد وعبد المسيح وأصحابهم. (شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني: ١ / ١٥٩ / ١٧١، ورواه الحاكم أيضا في النوع (١٧) من كتابه معرفة علوم الحديث: ٦٢، وساق الحبري الحديث ٩ في تفسيره للآية:
٥٠، ورواه ابن شهرآشوب عن الحاكم، وشيرويه الديلمي في كتاب الفردوس: ٢ / ٣٠٦).
ورواه الحاكم عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: ولما نزلت هذه الآية (ندع أبناءنا وأبناءكم) دعا رسول الله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم هؤلاء أهلي (وقد تم تخريج الحديث سابقا).
ورواه مسلم بن الحجاج في مسنده الصحيح، وأبو عيسى الترمذي، والراوي هو سعد بن أبي وقاص الزهري (صحيح مسلم: ٧ / ١٢٠، الترمذي: ٥ / ٦٣٨ ح ٣٧٢٤، وقد تم تخريج الحديث سابقا أيضا).
وعن الشعبي أيضا قال: قال جابر: أنفسنا رسول الله وعلي بن أبي طالب و أبناءنا الحسن والحسين ونساءنا فاطمة (سبق وأن تم تخريج الحديث أيضا، ومن شاء فليرجع إلى المصادر التالية للوقوف على هذا الحديث وغيره:
آلاء الرحمن في تفسير القرآن: ١ / ٢٨٨ - ٢٩٠ نقلا عن ابن حجر في صواعقه، يقول الشيخ: قال ابن حجر: أخرج الدارقطني أن عليا (عليه السلام) يوم الشورى احتج على أهلها فقال: أنشدكم الله هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الرحم مني؟ ومن جعله نفسه وأبناءه أبناءه ونساءه نساءه غيري؟ قالوا:
اللهم لا.
وانظر أيضا عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ٢ / ٢١٠ ب ٢٢ في حديث طويل، كفاية الطالب: ٦٤١، دلائل النبوة للبيهقي: ٥ / ٣٨٥ ط بيروت، بحار الأنوار: ٣٥ / ٢٥٧ نقلا عن كتاب الفصول للشيخ المفيد، العمدةلابن البطريق: ٩٦، و ١٩٢، تذكرة الحفاظ: ٣ / ٨٩٨، المناقبلابن المغازلي: ح ٣١٠، فرائد السمطينللجويني: ح ٣٧١، أحمد بن حنبل: في فضائل الحسن والحسين من كتابه الفضائل، تفسير فرات الكوفي: ١٤ ح ٤٥، دلائل الصدق: ٢ / ٣٨٦، حق اليقين: ١ / ٢٦٨.
وراجع كذلك الصراط المستقيم للشيخ علي بن يونس العاملي: ١ / ٢١٠، تلخيص الشافي: ٣ / ٦، كشف المراد: ٤١١، كشف الغمة: ١ / ٢٣٣، تفسير مجمع البيان: ٢ / ٧٦٢، معالم التنزيل للبغوي:
١ / ٤٨٠، مصابيح السنة: ٤ / ١٨٣ / ٤٧٩٥، تفسير الشوكاني المسمى ب " الفتح القدير ": ١ / ٣٤٧، المصنف لابن أبي شيبة: ١٢ / ٦٨ / ١٢١٤٢، الفخر الرازي في تفسيره: ٨ / ٨٥ و ٨٦ ط مصر.
وانظر أيضا صحيح مسلم: ٤ / ١٨٧١ و ٢٤٠٤، الترمذي: ٥ / ٦٣٨ / ٣٧٢٤ و ٢٢٥ / ٢٩٩٩.
وفي حديث بني وليعة جعل النبي (صلى الله عليه وآله) نفس علي (عليه السلام) كنفسه (صلى الله عليه وآله) بقوله (صلى الله عليه وآله): لتنتهين يا بني وليعة أو لأبعثن إليكم رجلا كنفسي. (انظر الفضائل لأحمد: ٢ / ٥٧١ / ٩٦٦ و ٥٩٣ / ١٠٠٨، المناقبللخوارزمي: ١٣٦ / ١٥٣.
وفي حديث عن حبش بن جنادة قال (صلى الله عليه وآله): علي مني وأنا من علي. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح، مشكاة المصابيح: ٣ / ١٧٢٠ ح ٦٠٨٣ و ٦٠٨١، مسند أحمد: ٤ / ١٦٤ و ١٦٥ / ٣٦٨ و ٣٧٠ و ٣٧٢).
والقصة رواها الطبري في تفسيره بأسانيده باختصار في متنها، وقال: حدثنا ابن حميد قال: حدثنا عيسى بن فرقد عن أبي الجارود عن زيد بن علي في قوله تعالى: (تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم...) الآية، قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي و فاطمة و الحسن والحسين.
حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط عن السدي [في قوله تعالى]: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم...) الآية قال: فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بيد الحسن والحسين و فاطمة، و قال لعلي: اتبعنا. فخرج معهم، فلم يخرج يومئذ النصارى وقالوا: إنا نخاف أن يكون هذا هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وليس دعوة النبي كغيرها فتخلفوا عنه يومئذ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لو خرجوا لاحترقوا.
حدثنا الحسن بن يحيى أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر قال: قال قتادة: لما أراد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يلاعن أهل نجران أخذ بيد حسن وحسين وقال لفاطمة: اتبعينا. فلما رأى ذلك أعداء الله رجعوا.
حدثني يونس أخبرنا ابن وهب حدثنا ابن زيد قال: قيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لو لاعنت القوم بمن كنت تأتي حين قلت: (أبناءنا و أبناءكم)؟ قال: حسن وحسين.
حدثني محمد بن سنان حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا المنذر بن ثعلبة قال: حدثنا علباء بن أحمر اليشكري قال: لما نزلت هذه الآية: (فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم...) الآية، أرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى علي وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين ودعا اليهود [كذا] ليلاعنهم، فقال شاب من اليهود: ويحكم أليس عهدكم بالأمس إخوانكم مسخوا قردة وخنازير؟! لا تلاعنوا، فانتهوا.
(تفسير الطبري: ٣ / ٣٠٠).
أقول: وللزمخشري هاهنا كلام في تفسير الآية الشريفة من الكشاف ما أجدر أن يتعمق فيه، وكذلك للفخر الرازي في تفسيره، كما أن للشبلنجي أيضا في نور الأبصار: ص ١٠٠ رواية حسنة ينبغي مراجعتها.
وقد ذكر السيد الأجل علي بن طاووس رفع الله مقامه أن أبا عبد الله محمد بن العباس بن علي بن مروان المعروف بالحجام روى الحديث في تفسير الآية الكريمة من كتابه ما أنزل من القرآن في علي في المجلد الأول من الجزء الثاني عن أحد وخمسين طريقا.
هكذا رواه عنه السيد، وروى أسماء كثير ممن روى عنه محمد بن العباس في أوائل الباب الثاني من كتاب سعد السعود: ٩١.