وإنما يعلمه قراءة، وقال حسان (1) * تمنى كتاب الله أول ليلة * وآخرها لاقى حمام المقادر قيل: إنما سميت القراءة أمنية لأن القارئ إذا انتهى إلى آية عذاب تمنى أن لا يبتلى به. وقيل: أخذ من التقدير لأن التالي مقدر للحروف يذكرها شيئا فشيئا والتمني التقدير، منى الله خيرا أي قدره * إذا عرف ذلك فنقول: من المفسرين من حمل الآية على تمني القلب، والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم متى تمنى بقلبه بعض ما يتمناه من الأمور يوسوس الشيطان إليه بالباطل ويدعوه إلى ما لا ينبغي، ثم إن الله تعالى ينسخ ذلك ويبطله ويأتيه بما يرشده إلى ترك الالتفات إلى وسوسته.
وهذا ضعيف لأنه لو كان كذلك لم يكن ما يخطر بباله صلى الله عليه وسلم فتنة للكفار، وذلك يبطله قوله تعالى (ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم) الآية: فثبت أن المراد بالتمني القراءة * ثم اختلف الذاهبون إلى هذا التأويل على وجوه ستة:
[الأول] أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتكلم بذلك ولا تكلم الشيطان به أيضا، ولكنه عليه الصلاة والسلام لما قرأ سورة (والنجم إذا هوى) اشتبه الأمر على الكفار فحسبوا بعض ألفاظ ما قرأه " تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى " وذلك على حسب ما جرت العادة من توهم بعض الكلمات على غير ما يقال، وهذا فاسد لوجوه ثلاثة: [الأول] أن التوهم في مثل ذلك إنما يصح فيها قد جرت العادة