لست بآله. ومتى اندفعت معارضة الخصم بهذه الأدلة العقلية لم يلزم من عدم إتيان الله تعالى بالشمس من المغرب القدح في دليل إبراهيم عليه السلام * [الشبهة الخامسة] تمسكوا بقوله تعالى (إذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى) الآية وهذا يدل على أنه لم يكن موقنا بقدرة الله على إحياء الأموات * [والجواب] من وجوه (الأول) يحتمل أن يقال: وقع ذلك قبل النبوة. وقبلها لما وجب عليه الاستدلال في معرفة الله تعالى وجب عليه الاستدلال أيضا في أمر المعاد. فإن قلت: أليس إنه لا يتم علمه بالمبدأ إلا إذا عرفه قادرا على كل المقدورات حصل العلم بكونه عالما بكل المعلومات، ومتى عرفه كذلك عرفه قادرا على إحياء الموتى؟ قلت:
لا يلزم من مجرد العلم بكونه تعالى عالما بكل المعلومات قادرا على كل المقدورات حصول العلم بكونه تعالى قادرا على الإحياء لاحتمال أن يقال: هذه الأجزاء إنما تقبل التركيب الحيواني والحياة بطريق خاص وهو التولد. فأما بغير ذلك الطريق فهو ممتنع لذاته. فلا يلزم من عدم القدرة عليه قدح في قولنا إنه قادر على كل الممكنات * فإن قلت: لو كان حصول الحياة في ذلك الجسم ممتنعا لما حصل فيه البتة، فلما حصل ثبت أنه ممكن لذاته فيندرج تحت قدرة الله تعالى * [قلت] لعل الخصم يقول: إنه ممكن بطريق واحد، وفيما عدا ذلك ممتنع، وأيضا فهب أن الدليل الذي ذكرت يصح في بيان كون الأجزاء قابلة للحياة