له: تبان (1) فقال: ذاك لباس من ضربت عليه الذلة!!! فأخذ ثوبا فخرقه
(١) التبان - كرمان -: سراويل صغير مقدار شبر.
وهذا المعنى رواه مرسلا في الحديث: " ٤٢ " من ترجمة الإمام الحسين من أنساب الأشراف : ج ١، ص ٤٩٣ / أو الورق ٢٤٧ / أ / وفي ط ١: ج ٣ ص ٢٠١ قال:
ولما بقي الحسين بن ثلاثة نفر - أو أربعة - دعا سراويل محشوة فلبسها، فذكروا أن بحر ابن كعب التيمي سلبه إياها حين قتل، فكانت يداه في الشتاء تنضحان الماء وفي الصيف تيبسان فكأنهما عودان.
ورواه أيضا الطبراني في الحديث: " ٨٤ " من ترجمة الإمام الحسين من المعجم الكبير:
ج ١ / الورق ١٢٨ / عن علي بن عبد العزيز، عن إسحاق بن إسماعيل الطالقاني عن جرير، عن ابن أبي ليلى..
ورواه عنه في باب مناقب الإمام الحسين من مجمع الزوائد: ج ٩ ص ١٩٣، وقال:
ورجاله إلى قائله ثقات.
ورواه أيضا الطبري في سيرة الإمام الحسين من تاريخه: ج 4 ص 244 وفي ط الحديث:
ج 5 ص 451 عن أبي مخنف، عن سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم..
أقول: وبهذا الحديث: " 276 " يتم ما في أصلي كليهما من تاريخ دمشق ما رواه المصنف حول الحوادث الجارية بين الإمام الحسين وبين أعدائه من ابتداء ما دعاه الوليد بن عتبة إلى بيعة يزيد إلى يوم شهادة الامام وهو يوم عاشوراء.
والقارئ النبيه يرى النقص الفاحش فيه واضحا وعدم اتساق المطالب وانسجام الكلام جليا، كما تنبه لذلك الشيخ عبد القادر بدران صاحب تهذيب تاريخ دمشق فاستدركه برواية ابن حجر في الإصابة لهذه القصة عن عمار بن معاوية الدهني، عن الإمام الباقر عليه السلام.
وهل هذا من أجل أن المصنف يطوي خصوص المبادئ المنتهية إلى شهادة الإمام الحسين ؟ - أو عموم ما جرى بين أهل البيت وبين أعدائهم - سترا على مخازي المبطلين؟!
أو أن مشايخ المصنف بخلوا من روايتهم للمصنف ما دار بين الامام وأعدائه تحفظا على كرامة سلفهم؟!! أو أنهم رووا للمصنف إجمال ما جرى بين الامام وبين أعدائه ورواه المصنف عنهم وأودعه في هذه الترجمة ولكن المتأخرين رأوا أن هذه الاجمال أيضا يفصح عن نفاق أعداء أهل البيت وكيدهم للاسلام، فمدوا أياديهم الخائنة إلى ما كتبه المصنف فحذفوا منه ما يدل الناس وينبههم على خروج مناوئي أهل البيت عن صف المؤمنين بالله وبما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله!
والامر الأول: غير ملائم لانصاف المصنف وصدقه وأمانته.
والامر الثاني: وإن كان محتملا في خصوص المقام ومحققا في كثير من المقامات غير أنه يبعده ما نذكره في الامر الثالث.
والامر الثالث هو المستشم المستآنس من جهات الجهة الأولى: استقراء خصوص تاريخ دمشق فإنه يغني عن استقراء غيره فإنهم عمدوا في مواضع كثيرة منه إلى حذف خصائص أهل البيت الدالة على أنهم على الحق وأن مخالفيهم مخالف للحق. وأسقطوا أيضا منه في المقامات متعددة مخازي أعداء أهل البيت مما يدل بنحو الوضوح على إخلادهم إلى الدنيا واختيارهم إياها على الآخرة، وأنهم لا يرجون لله وقارا ولا يقيمون للدين وزنا.
الجهة الثانية: تبحر المصنف في العلوم النقلية، وروايته مقدمة مقتل الامام بإسناده المنتهي إلى أسانيد ابن سعد، فإنه يبعد كل البعد اقتصار المصنف على خصوص مقدمة مقتل الامام بلا أي بحث عن مقتله، وإن حمل أحد هذا على عاتق مشايخ المصنف فيبعد أيضا إقناعهم المصنف بذلك واقتناعه به بلا أي استفسار عنهم ثم سكوته من غير تنبيه وإشارة منه إلى جهة اكتفائه بذلك.
الجهة الثالثة: ما ذكره المصنف في ترجمة محرز بن حريث من تاريخ دمشق كما يجئ لفظه في ختام ما ننقله عن ابن سعد وكذلك ما ذكره في ترجمة: أم محمد بنت الحسن زوج علي بن الحسين من تاريخ دمشق قسم النساء ص 547 قال: قدم بها مع أهل بيتها حين قتل الحسين من العراق إلى دمشق. لما ذكر. تقدم ذكر ورودها في ترجمة عمها الحسين.
وكيف كان فنحن نكمل نقص هذا السفر الجليل بما رواه ابن سعد - مع ما فيه من مواقع النظر - إنقاذا لحقائقه من التلف، ولكونه أوفق لمرام المصنف فنقول وبالأسانيد المتقدمة تحت الرقم: " 254 " ص 196، قال ابن سعد:
وانظر ما يرتبط بهانئ رحمه الله في شرح المختار: " 178 " من قصار نهج البلاغة من شرح ابن أبي الحديد: ج 18، ص 407 وبعده أيضا قصة مرتبطة بالامام الحسين حول اخذه ما بعثه والي اليمن إلى معاوية وكتاب معاوية إليه.
قالوا: وقد كان الحسين قدم مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى الكوفة، وأمره أن ينزل على هانئ بن عروة المرادي وينظر إلى اجتماع الناس عليه ويكتب إليه بخبرهم.
فقدم مسلم بن عقيلالكوفة مستخفيا وأتته الشيعة فأخذ بيعتهم وكتب إلى الحسين بن علي: إني قدمت الكوفة فبايعني منهم إلى أن كتبت إليك ثمانية عشر ألفا فعجل القدوم فإنه ليس دونها مانع.
فلما أتاه كتاب مسلم أغذ السير حتى انتهى إلى زبالة، فجاءت رسل أهل الكوفة إليه بديوان فيه أسماء مأة ألف.
وكان النعمان بن بشير الأنصاري على الكوفة في آخر خلافة معاوية، فهلك [معاوية] وهو عليها فخاف يزيد أن لا يقدم النعمان على الحسين فكتب إلى عبيد الله بن زياد بن أبي سفيان!!! وهو على البصرة، فضم إليه الكوفة وكتب إليه بإقبال الحسين إليها، فإن كان لك جناحان فطر حتى تسبق [الحسين] إليها.
فأقبل [عبيد الله إلى الكوفة] متعمما متنكرا حتى دخل السوق، فلما رأته السفلة وأهل السوق خرجوا يشتدون بين يديه وهم يظنون أنه حسين، وذاك إنهم كانوا يتوقعونه فجعلوا يقولون لعبيد الله: يا ابن رسول الله الحمد لله الذي أراناك. وجعلوا يقبلون يده ورجله.
فقال عبيد الله: لشد ما فسد هؤلاء. ثم مضى حتى دخل المسجدفصلىركعتين ثم صعد المنبر وكشف عن وجهه، فلما رآه الناس مال بعضهم على بعض وأقشعوا عنه.
وبنى عبيد الله بن زياد تلك الليلة بأهله أم نافع بنت عمارة بن عقبة بن أبي معيط.
وأتي تلك الليلة برسول الحسين بن علي [و] قد كان أرسله إلى مسلم بن عقيل [وكان] يقال له: عبد الله بن يقطر فقتله.
وكان قدم مع عبيد الله من البصرةشريك بن الأعور الحارثي وكان شيعة لعلي فنزل أيضا على هانئ بن عروة، فاشتكى شريك فكان عبيد الله يعوده في منزل هانئ ومسلم بن عقيل هناك لا يعلم به.
فهيئوا لعبيد الله ثلاثين رجلا يقتلونه إذا دخل عليهم. وأقبل عبيد الله فدخل على شريك يسأل به، فجعل شريك يقول:
ما تنظرون بسلمى أن تحيوها؟
أسقوني ولو كان فيها نفسي. فقال عبيد الله: ما يقول؟ قالوا: يهجر! وتحشحش القوم في البيت فأنكر عبيد الله ما رأى منهم فوثب فخرج، ودعا مولى لهانئ بن عروة كان في الشرطة فسأله فأخبره الخبر فقال: أولا.
ثم مضى حتى دخل القصر، وأرسل إلى هانئ بن عروة وهو يومئذ ابن بضع وتسعين سنة، فقال [له]: ما حملك على أن تجير عدوي وتنطوي عليه؟ فقال [هانئ]: يا ابن أخي إنه جاء حق هو أحق من حقك وحق أهل بيتك. فوثب عبيد الله وفي يده عنزة فضرب بها رأس هانئ حتى خرج الزج واغترز في الحائط، ونثر دماغ الشيخ فقتله مكانه.
وبلغ الخبر مسلم بن عقيل فخرج في نحو أربع مأة من الشيعة!!! فما بلغ القصر إلا وهو في نحو من ستين رجلا! فغربت الشمس واقتتلوا قريبا من الرحبة، ثم دخلوا المسجد وكثرهم أصحاب عبيد الله بن زياد وجاء الليل فهرب مسلم حتى دخل على امرأة من كندة يقال لها: طوعة فاستجار بها.
وعلم بذلك محمد بن الأشعث بن قيس فأخبر به عبيد الله بن زياد، فبعث إلى مسلم فجئ به فأنبه وبكته وأمر بقتله.
فقال [مسلم]: دعني أوصي. قال: نعم. فنظر [مسلم] إلى عمر بن سعد بن أبي وقاص فقال: إني لي إليك حاجة، وبيني وبينك رحم.
فقال عبيد الله: انظر في حاجة ابن عمك. فقام إليه فقال [له مسلم]: يا هذا إنه ليس ها هنا رجل من قريش غيرك، وهذا الحسين بن علي قد أطلك، فأرسل إليه رسولا فلينصرف فإن القوم قد غروه وخدعوه وكذبوه، وإنه إن قتل لم يكن لبني هاشم بعده نظام، وعلي دين أخذته منذ قدمت الكوفة فاقضه عني واطلب جثتي من ابن زياد فوارها.
فقال له ابن زياد: ما قال لك؟ فأخبره [عمر] بما قال! فقال: قل له: أما مالك فهو لك لا نمنعك منه، وأما حسين فإن تركنا لم نرده، وأما جثته فإذا قتلناه لم نبال ما صنع به. ثم أمر به فقتل، فقال عبد الله بن الزبير الأسدي في ذلك:
[ف] إن كنت لا تدرين بالموت فانظري * إلى هانئ في السوق وابن عقيل ترى جسدا قد غير الموت لونه * ونضح دم قد سال كل مسيل أصابهما أمر الامام!!! فأصبحا * أحاديث من يهوى بكل سبيل ترى بطلا قد هشم السيف وجهه * وآخر يهوى عن طمار قتيل أيركب أسماء الهماليج آمنا * وقد طلبته مذجح بقتيل فإن أنتم لم تثأروا لأخيكم * فكونوا بغايا أرضيت بقليل يعني أسماء بن خارجة الفزاري [و] كان عبيد الله بن زيادبعثه وعمرو بن الحجاج الزبيدي إلى هانئ بن عروة فأعطياه العهود والمواثيق فأقبل معهما حتى دخل على عبيد الله بن زياد فقتله.
قال: وقضى عمر بن سعد دين مسلم بن عقيل وأخذ جثته فكفنه ودفنه. وأرسل رجلا إلى الحسين فحمله على ناقة وأعطاه نفقة وأمره أن يبلغه ما قال مسلم بن عقيل. فلقيه على أربع مراحل فأخبره.
وبعث عبيد الله برأس مسلم بن عقيلوهانئ بن عروة إلى يزيد بن معاوية.
وبلغ الحسين قتل مسلم وهانئ فقال له ابنه علي الأكبر: يا أبة ارجع فإنهم أهل [نكث] وغدر] و [قد تبين] غدرهم وقلة وفائهم ولا يفون لك بشئ.
فقالت بنو عقيل لحسين: ليس هذا بحين رجوع وحرضوه على المضي، فقال الحسين
اجمال ما جرى على الامام الحسين وأهل بيته عليهم السلام من بدء إرساله رائد الشهداء مسلم بن عقيل عليهم السلام إلى الكوفة، إلى رجوع أهل البيت من الشام إلى المدينة المنورة برواية ابن سعد في الطبقات الكبرى